يا طَالِبَ العِلْمِ الذي ... ذَهَبَتْ بمدَّتِهِ الرِّواية
كُن في الرِّواية ذا العِنا ... يَةِ بالرِّوَايَةِ والدِّرَايَة
وارْوِ القَليلَ وراعِهِ ... فالعِلْمُ لَيْسَ لَهُ نهاية (١)
وَليَحْذَرِ الطَّالِبُ غايةَ الحَذَرِ أن يمنعَهُ التكبُّرُ والحياءُ عن طلبِ العِلْمِ؛ فإنّ الحياءَ هنا مذمومٌ، وصاحِبُهُ ملومٌ بل مأثوم؛ لأَن هذا الحياء في الحقيقةِ قِلّةُ حياءٍ مِنَ اللَّهِ تعالى وغِشٌ لنفسه، حيثُ يُبْقيهَا حائِرَة من الجهالة، راتعةً في ميادين البطالةِ، راضية بمقام أهل الذُّلِّ والنَّذالة.
وأما التَّكبرُ فإنه من حيث هو من أقبح العُيُوب بل من أعظمِ الذنوب، وأقوى أسباب البُعْدِ عن علَّام الغُيُوبِ؛ لكن إثْمُه هنا أشد وأعظمُ، والعقابُ عليه أحْتَمُ وَأَلْزَمُ، وكيف لا وقد مَنَعَ صاحبَهُ نيلَ الطَّريقِ الأَقْوَمِ.
قال مجاهد: لا ينالُ العِلْمُ مُسْتَحٍ ولا مستكبر، والله الموفق.
ويتأكد في حَقِّ الطَّالبِ الصبرُ على سُوءِ خُلُقِ الشيخ وجفوته، ولا يمنعهُ ذلك من الملازمةِ لما عندَهُ من التكبُّرِ والتَّعَاظُمِ.
(١) ذكره بسنده الإمام ابن الصَّلاح في "علوم الحديث" ص ٢٢٦.