للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال سفيان الثَّوري: عَلَيْكَ بَعَمَلِ الأَبطالِ، الكَسْبُ مِنَ الحلالِ والإِنفاقُ على العَيالِ.

ويُكْرَهُ تركُهُ والاتِّكالُ على النَّاسِ.

قال الإِمام أحمد: لم أرَ مِثْلَ الغِنَى عن النَّاس، وقال في قوْم لا يَعْمَلُونَ ويَقُولونَ نَحْنُ مُتَوَكِّلونَ: هؤُلاء مُبْتَدِعَةٌ (١)

واعلم أن هذا في حَقِّ أمثالِنَا مِمَّن ضَعُفَ إيمانُهُ وَقَلَّ يقينُهُ ونقصَ توكُّلُهُ، وأمًاا لكامِلُونَ في اليقينِ والتمكينِ فلا يَصِحُّ قَوْلُ مثل ذَلِكَ في حقهم، فإنَّه رحمه الله تعالى قد أجازَ التَّوكُّلَ لمن اسْتُعْمِلَ فيه الصِّدْقُ، نقلَهُ عنه المَرُّوْذِي (٢). وقال: من لم يَطْمَعْ من آدميٍّ أن يجيبَهُ بشيءٍ رَزَقَهُ اللَّهُ إيَّاهُ كان متوكلًا. وقد قال في موضع آخرَ فيمن يَحجُّ على سبيل التَّوكُّلِ: هؤلاء يَحُجُّونَ متوكلينَ على أزوادِ النَّاسِ.

وقال: لا أُحِبُّ أن يدخُلَ الباديةَ بلا زاد، لأَنَّهُ يَتَوَكَّلُ على أزوادِ النَّاسِ (٣)، وهذا وأشباهُهُ يُحْمَلُ على من ذكرنا أولًا.

والحَاصِلُ أَن الكَسْبَ من المصالحِ العامَّه؛ فلا يُرَخَّصُ في تركِهِ ولا يُعابُ فاعِلُهُ.


(١) ذكره الخلال في "الحث على التجارة" (ص ٨٧)، وكذا ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (٣/ ٢٦٢).
(٢) نقله في "الآداب الشرعية" (٣/ ٢٦٢).
(٣) "الحث على التجارة" (ص ٦٧، ٦٨، ٧٢).

<<  <   >  >>