وأفضلُها في بزٍّ وَعِطْرٍ وَزَرْعٍ وَغَرْسٍ وماشيةٍ، وأبغضُها في رقيقٍ وَصَرْفٍ.
وأفضَلُ الصنائع خِياطَةٌ، وَكُلُّ ما نُصِحَ فيه فهو حَسَن، وَأدناها حِياكَةٌ وحِجَامَةٌ، وَأَشَدُّهَا كراهةً صبغٌ وصياغَة وحِدادةٌ ونحوها، ويُكْرَهُ كَسْبُهُم. وَكسبُ الجَرارِ أيضًا مكرُوهٌ؛ لأنَّهُ يُوجِبُ قساوةَ القَلْبِ، وكَذَلِكَ يُكْرَهُ كَسْبُ من يُباشِرُ النَّجاسَةَ، والفَاصِدِ والمُزيّنِ والجَرائحي والخَتَّانِ ونحوهِم مِمَّن صَنعتُهُ دنيئة، والمرادُ مع إمكانِ أصلحَ مِنْها.
وَيُسَنُّ الغَرسُ والحَرْثُ، واتِّخاذُ الغَنَمِ.
تَنْبِيهٌ: يَنْبَغي للتَّاجِرِ أن يَصْحَبَ الرِّفْقَ والسَّمَاحَةَ في أمورِهِ كُلِّها، وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ في بيعِهِ وشرائِهِ وقضائِهِ واستقضَائِهِ لِتَشْمَلَهُ دعوتُهُ عليه السَّلامُ بالرَّحمة لمن كان كذلك؛ قال عليه السَّلامُ:"رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إذا بَاعَ، سَمْحًا إذا اشْتَرَى، سَمْحًا إذا قَضَى، سَمْحًا إذا اقتضى". رواه البخاري وابن ماجه (١).
وينبغي لَهُ أيضًا أن يَتَجَاوَزَ عن المُعْسِرِ رجاءَ أن يتجاوزَ اللهُ عنه وهو أَحْوَجُ ما يكونُ إلى ذَلِكَ، قال عليه السَّلامُ: "حُوسِبَ رَجُلٌ مِمَّنْ كانَ قَبْلَكُمْ، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مِنَ الخَيْر شيءٌ إِلَّا أنَّهُ كان رَجُلًا مُوسِرًا،
(١) أخرجه البخاري (٤/ ٣٠٦)، وابن ماجه (٢٢٠٣) من حديث جابر بن عبد الله، ولا يوجد عندهما لفظة: "سمحًا إذا قضى".