للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ القِيامَةِ" (١).

ثُمَّ إن ظفِرتَ بطعامٍ أو شرابٍ من الحلالِ فَعَلَيْكَ بإيثارِهِما بأطيبِهِ فطالما آثَراكَ وجاعا وأَشْبَعَاكَ وَسَهِرا وَنَوَّمَاكَ، فاجتهد رَحِمَكَ الله على بِرِّهِما غايةَ الاجتهادِ، واعمل بِمَا ذَكَرْتُ لَكَ من النَّصِيحَةِ والإرشادِ، ولا تتبع سَبيلَ العاقِّ لوالديهِ من أهلِ الغِوايَةِ والعِنَادِ، فإنْ فَعَلْتَ تَكُنْ من المبعُودينَ والمطرودينَ من رحمةِ المَلِكِ الجوَاد، نَسْأَلُ اللهَ العافيةَ من ذَلِكَ، والنَّجَاةَ من كُلِّ أمرٍ مُوقعٍ في المهالكِ.

إذا علمتَ هذا فاعلم أيضًا أنه يجِبُ عليك أن تَصِلَ بَقِيَّةَ رَحِمِكَ، وهم كُلُّ قرابَةٍ لَكَ مِنَ النَّسَبِ، فَصِلَتُهُم فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْكَ، وقطيعتُهُمْ مُحَرَّمَةٌ عليك تحريمًا مُؤَكَّدًا، فهي من أكْبَرِ الكبائِرِ عِنْد الله تعالى، وقد قرنَ الله سبحانه الأَرحامَ باسمِهِ الكريم في قوله: جلَّ من قائِلٍ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)} [النساء: ١]؛ وذلك تنبيهٌ على أن صِلَتَها بمكانٍ منه سبحانه ومُقَرِّبٌ إليه، وقطعَهَا خَطَرٌ عظيمٌ عِنْدَهُ وَمبعدٌ عنه تبارك وتعالى.

قال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الرَّحِم شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمن، قال الله تعالى: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ" (٢)، وقال عليه


(١) أخرجه الترمذي (١٢٨٣)، والحاكم (٢/ ٥٥)، من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، وإسناده جيد.
(٢) أخرجه البخاري (١١/ ٤١٧)، من حديث أبي هريرة.

<<  <   >  >>