للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَبَّ إِليهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ والنَّاسِ أَجْمَعينَ" (١).

فاجتَهِدْ وَفَّقَكَ الله على أن تكون محبتُكَ لَه صادِقَةً صادرةً من صميمِ القَلْبِ بلا رياءٍ ولا مُنافَقَةٍ، وعلامةُ ذلك أن تلزمَ الطاعةَ ما استطعت اتباعًا له ومُوافَقَةً.

ومن أعْظَمِ شُعُبِ الإيمانِ تعظيمُه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما أرشدنا الله إلى ذلك في قوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ... } الآية [الحجرات: ٢]، فلا يَحِلُّ لأَحَدٍ أن يَرْفَعَ صوته فوق صوته، ولا أن يناديَه من وراء الحجرات، ولا أن يناديَه باسمه بأن يقول: يا محمد، يا أحمد، ونحو ذلك، بل يقول: يا رسول الله، يا نبي الله، ونحو ذلك، فقد دلت هذه الآية على وجوب تعظيمه والتأدب معه في القول، ويقاس عليه غيره.

وقد ذكر الإمام الحليمي تعظيمَهُ في كتابه، وَقَرَّرَ أن التَّعظيم مَنْزِلَةٌ فَوْقَ المَحَبَّةِ، ثُمَّ قال: فَحَقٌّ علينا أن نُحِبَّهُ ونُجِلَّهُ ونُعظِّمَهُ أكثرَ وأوفَرَ من إجلالِ كُلِّ عَبْدٍ سَيِّدَهُ وَكُلِّ وَلَدٍ والدَهُ، قال: وَبِمِثْلِ هذا نَطَقَ الكتَابُ وَوَرَدَتْ أوامِرُ الله تعالى، وكذا قال تلميذُهُ أبو بكر البيهقيُّ في "شُعَبِهِ" أن تعظيمه غير محبته.

وقال: ألا ترى أَّنَّكَ تُحِبُّ الوَلَدَ ولا تُعظِّمُهُ تعظيمَ الوالِدِ، وكذلك السّيد قد يُحِبُّ المملوك ولا يعظِّمُهُ، والمملوك قد لا يُحِبُّ


(١) أخرجه البخاري (١/ ٥٨)، ومسلم (١/ ٦٧) من حديث أنس -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>