للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السَّيدَ ثُمَّ يعظمه، قال: فعرف بهذا أن للتعظيم حقيقةً سوى حقيقة المحبّة (١).

وقال صاحبُ كتاب "النصائح" أبو إبراهيمَ إِسحاقُ بنُ إبراهيمَ التُّجيبيُّ المالِكيُّ: واجبٌ أي مُتَأكّدٌ على كُلِّ مُؤْمِنٍ متى ذَكَرَهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو ذُكِرَ عِنْدَه أن يَخْضَعَ وَيَخْشَعَ وَيَتَوقَّرَ وَيُسَكِّنَ من حَرَكتِهِ، ويأخُذَ في هيبتِهِ وإجلالِهِ بما كان يأخذ به نَفْسَهُ لو كان بين يَدَيه، وَيَتأَدَّبَ بما أَدَّبنا اللَّهُ به، وهذه كانت سيرة السَّلفِ الصَّالح معه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونحن مأمورون بالاقتداءِ بهم (٢).

فمنزلة ذكره صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحديثه الشريف منزلة ذاته عليه السَّلامُ، فتأدَّبْ معهما كتأدُّبِ السّلَف الصالح مع ذاته عليه السَّلامُ، فينبغي لمن أراد التحديث أن يستعمل ما رواه الثقات.

عن الإمام مالك -رضي الله عنه- أنَّه كان إِذا أرادَ أن يُحدِّث تَوَضَّأَ على صَدْرِ فراشِهِ وَسَرَّحَ لحيتَهُ، وتمكَّن في جُلُوسِهِ بوقارٍ وهيبَةٍ وَحَدَّث، فقيل له في ذلك فقال: أُحِبُّ أن أُعَظِّم حديث رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أُحَدِّثَ إلَّا على طهارةٍ مُتَمكِّنًا.


(١) "المنهاج في شعب الإيمان" للحليمي (٢/ ١٢٤، ١٢٥)، و"شعب الإيمان" للبيهقي (٢/ ١٩٣)
(٢) نقله المصنف عن "كنز الراغبين" للناجي (١٢/ أ).

<<  <   >  >>