للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ واحِدٌ فَوَقَفا على رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيها، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُم، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبا، فَلمَّا فَرَغَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: أَلا أُخْبِرُكُم عَنِ النَّفَرِ الثَّلاثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُم فَأَوَى إِلَى الله فآواهُ اللهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا، فَاسْتَحْيَا اللهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ، فَأَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ"، متفق عليه (١).

وعن أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنه قال: خَرَجَ معاويةُ رضي الله عنه على حَلْقَةٍ فِي المَسْجِدِ فقال: مَا أَجْلَسَكُمْ؟ قالوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللهَ، قال: اللهِ ما أَجْلَسَكُم إلَّا ذاك؟ قالوا: ما أَجْلَسَنَا إلَّا ذاك، قال: أَمَّا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَمَا كان أَحَدٌ بمنزلتي من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقل عَنْهُ حَدِيثًا مِنِّي، إِنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ على حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فقال: "ما أَجْلَسَكُم؟ " قالوا: جَلَسْنَا نَذْكُرَ اللهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى ما هَدَانَا للإِسْلامِ، ومَنَ بِهِ عَلَيْنَا، قال: "آللهِ ما أَجْلَسَكُمِ إلَّا ذاكَ؟ " أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُم تُهْمَةً لَكُم، وَلَكِنَهُ أَتانِي جبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَأَخْبَرَني أَنَّ اللهَ يُباهِي بِكُمُ الملائِكَةَ"، رواه مسلمَ (٢).

واعلم أن الذِّكْرَ على ضَرْبين: ذِكْرُ اللِّسانِ، وذِكْرُ القَلْبِ،


(١) البخاري (١/ ٥٦٢)، ومسلم (٤/ ١٧١٣).
(٢) (٤/ ٢٠٧٥).

<<  <   >  >>