للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا أَمْسَى فلا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بالصَّبَاحِ، وإذا أصْبَحَ فلا يُحَدِّثُ نفسهُ بالمساءِ، وليغتنم حياتَهُ قبل موته، وصحته قبل سُقْمِهِ، وفراغَهُ قبل شُغْلِهِ، وشبابَه قبل هرمِهِ، وغناهُ قبل فَقْرِهِ.

واعلم أن معنى اغتنام ذلك الاجتهادُ فيه بصالِح العَمَلِ لا تضييعُهُ في اللَّهو والكَسَل، وعلى هذا كان السَّلَفُ الصَّالحُ، ففازوا بالمَتْجَرِ الرَّابِح والمآل النَّاجح فليقتد بهم ولْيَحْذُ حذوهم نفعنا الله ببركاتهِمِ وأعاد علينا وعلى جميع المسلمين من صالح دعواتهم، ووفقنا لاتباعهم والاقتداء بهم.

تَتِمَّةٌ: أولى القُلُوبِ وأفضَلُهَا وأقربُها إلى خالِقها ورازقِهَا قَلْبٌ وعى علم دين الله سبحانه وشرائِعِهِ مِمَّا أَمَرَ به ونهى عنه، ومِمَّا دعا إليه وَخَصَّ في كتابه وعلى لسان رسوله عليه السَّلامُ، والفقهُ في ذلك والفهمُ فيه والتَّفهُّم والتَّفهيمُ أولى ما يشتَغِلُ به العاقل.

والعلمُ مع العمَلِ به أفضلُ الأَعمال وأنفسُ ما تُصرَفُ إليه الهِمَمُ في الحال والمآل، وأقرب العلماء إلى الله وأولاهُم به أكثرهم له خشيَةً وفيما عِنْدَه رغبة، وأدومُهم له مراقَبَةً.

والعلم دليلُ على الخيرات وقائدٌ إليها، والعِصْمَةُ بكتاب الله وسنة نبيه هي المعولُ في كُل الأُمور عليها، وفي اتباع سَبيلِ المؤمنين والسَّلَفِ الصَّالح النَّجاة والرَّشاد، وفي الرُّجوعِ إلى ما قالوهُ وتأولوهُ واستنبطوهُ غايةُ الصَّلاحِ والفلاحِ والسَّدادِ.

<<  <   >  >>