وقيل: قُصِدَت المبالغة في وصفهم بالبكاء، فجُعلت أعينهم كأنها تفيض بأنفسها، أي: تسيل من الدمع من أجل البكاء، من قولك: دمعت عينه دمعًا (١).
و{مِنَ} في {مِنَ الدَّمْعِ} متعلقة بتفيض، وهي لابتداء الغاية، أي: ابتدأ الفيض ونشأ من كثرة الدمع. ولك أن تجعلها متعلقة بمحذوف على أنها في موضع النصب على الحال من المستكن في {تَفِيضُ}، أي: تفيض مملوءة من الدمع، و {مِنَ} على هذا للتبيين.
وأما (مِن) في قوله: {مِمَّا عَرَفُوا} فتحتمل أن تكون لتبيين الموصول الذي (ما عرفوا) وأن تكون للتبعيض على أنهم عرفوا بعض الحق فأبكاهم وبلغ منهم، فكيف إذا عرفوه كله؟ و {مِنَ الْحَقِّ} في موضع الحال من الراجع المحذوف، أي: من الذي عرفوه كائنًا من الحق.
وقوله:(يَقُولُونَ} في موضع نصب أيضًا على الحال من الواو في {عَرَفُوا}.
قوله عز وجل:{وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ}(ما) استفهام في موضع رفع بالابتداء، والخبر {لَنَا}، و {لَا نُؤْمِنُ} في موضع نصب على الحال من المستكن في {لَنَا}، والعامل في الحال ما في اللام من معنى الفعل، أي: أي شيء حصل أو ثبت لنا غير مؤمنين.
قيل: وهو إنكار واستبعاد لانتفاء الإيمان مع قيام موجبه، وهو الطمع في إنعام الله عليهم بصحبة الصالحين. وقيل: لَمَّا رجعوا إلى قومهم وقد