للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: قُصِدَت المبالغة في وصفهم بالبكاء، فجُعلت أعينهم كأنها تفيض بأنفسها، أي: تسيل من الدمع من أجل البكاء، من قولك: دمعت عينه دمعًا (١).

و{مِنَ} في {مِنَ الدَّمْعِ} متعلقة بتفيض، وهي لابتداء الغاية، أي: ابتدأ الفيض ونشأ من كثرة الدمع. ولك أن تجعلها متعلقة بمحذوف على أنها في موضع النصب على الحال من المستكن في {تَفِيضُ}، أي: تفيض مملوءة من الدمع، و {مِنَ} على هذا للتبيين.

وأما (مِن) في قوله: {مِمَّا عَرَفُوا} فتحتمل أن تكون لتبيين الموصول الذي (ما عرفوا) وأن تكون للتبعيض على أنهم عرفوا بعض الحق فأبكاهم وبلغ منهم، فكيف إذا عرفوه كله؟ و {مِنَ الْحَقِّ} في موضع الحال من الراجع المحذوف، أي: من الذي عرفوه كائنًا من الحق.

وقوله: (يَقُولُونَ} في موضع نصب أيضًا على الحال من الواو في {عَرَفُوا}.

{وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤)}.

قوله عز وجل: {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ} (ما) استفهام في موضع رفع بالابتداء، والخبر {لَنَا}، و {لَا نُؤْمِنُ} في موضع نصب على الحال من المستكن في {لَنَا}، والعامل في الحال ما في اللام من معنى الفعل، أي: أي شيء حصل أو ثبت لنا غير مؤمنين.

قيل: وهو إنكار واستبعاد لانتفاء الإيمان مع قيام موجبه، وهو الطمع في إنعام الله عليهم بصحبة الصالحين. وقيل: لَمَّا رجعوا إلى قومهم وقد


(١) قاله الزمخشري ١/ ٣٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>