للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحِمْلِ؛ لأن كل واحد منهما عُدِل بالآخر حتى تساويا واعتدلا، كأن المفتوحَ تَسْمِيةٌ بالمصدر، والمكسور بمعنى المفعول به، كالذبح ونحوه.

و{ذَلِكَ} إشارة إلى الطعام. و {صِيَامًا} تمييز للعَدْل، كما تقول: لي مِثْلُهُ رجلًا، أي: أو مِثْلُ ذلك من الصيام.

وقوله: {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} اللام متعلقة بقوله: {فَجَزَاءٌ}، أو بما بعده، أي: فعليه أن يُجازِيَ، أو يُكَفِّر، أو يُطعم، أو يَصوم، ليذوق سوء عاقبة هتكه لحرمة الإِحرام.

والوبال: المكروه والضرر الذي قد ينال في العاقبة مَن عمل سوءًا لِثِقْلِهِ عليه، من قولهم: وَبُلَ المرتع يَوْبُل بالضم فيهما وَبْلًا ووبالًا ووبالة، فهو وبِيلٌ، أي: ثقيل وخيم، ومنه قوله جل ذكره: {فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا} (١)، أي: ثقيلًا.

وقوله: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ}: (مَن) شرطية في موضع رفع بالابتداء، والخبر فعل الشرط، أو الجواب. والفاء في {فَيَنْتَقِمُ} جواب الشرط، و (ينتقم) خبر مبتدأ محذوف، أي: ومن عاد إلى قتل الصيد وهو محرم بعد نزول النهي عنه فهو ينتقم الله منه، ولذلك دخلت الفاء ورُفع الفعلُ، كما دخلتْ ورُفع في قوله: {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ} (٢) أي: فهو لا يخاف.

فإن قلت: لم قدرت هذا التقدير، وزعمت أنه على إضمار مبتدأ؟ قلت: لأن الفاء لا يقع بعده فعل يمكن جزمه إلّا على إضمار ما يصرفه عن الجزم نحو ما ذكرتُ من الآيتين، وسببه أنك لو لم تقدر ذلك لم يكن للفاء وجه من حيث إنها تأتي عند امتناع الجزم، وأنت لو قدرت في قوله جل


(١) سورة المزمل، الآية: ١٦.
(٢) سورة الجن، الآية: ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>