للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكره: {فَيَنْتَقِمُ} وشبهه أنه ليس على حذف المبتدأ، لكنت قد أدخلت الفاء على ما يصح جزمه، نحو أن تقول: (ومن عاد فينتقم الله منه)، وإذا كان كذلك وجب أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: فهو ينتقم الله منه، ليكون ممتنعًا من الجزم، وفيه كلام لا يليق ذكره هنا، ومن قال غيرَ هذا فهو مخلط في كلامه عارٍ عما عليه أهل هذه الصناعة (١).

{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩٦)}:

قوله عز وجل: {وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} الضمير في {وَطَعَامُهُ} للبحر، واختلف في طعام البحر، فقيل: ما طرحه البحر ميتًا، أو نَضَبَ عنه الماء فأُخذ بغير صيد فهو طعامه (٢).

وقيل: هو كل ما سقاه الماء فأنبت فهو طعام البحر؛ لأنه نبت عن ماء البحر (٣).

وقيل: صيده ما صِيد، وطعامه أكله، فأباح الصيد واللحم (٤)، فالضمير على هذا للصيد، لا للبحر.

و{مَتَاعًا}: مفعول من أجله، أي: أُحل لكم تمتيعًا لكم، وقيل: هو مصدر مُؤَكِّد (٥)، لأنه لما قال: {أُحِلَّ لَكُمْ}، كان دليلًا على أنه قد متَّعهم


(١) أجاب عنه العكبري ١/ ٤٦٢ بجواب آخر فقال: حَسُن ذلك لما كان فعل الشرط ماضيًا في اللفظ.
(٢) أخرجه الطبري عن كثيرين من الصحابة وغيرهم، وقال: هو أولى الأقوال. انظر تفسيره ٧/ ٦٥ - ٦٩.
(٣) قاله الزجاج ٢/ ٢٠٩ بعد الأول، وحكاه ابن الجوزي ٢/ ٤٢٨ عنه. وذكره النحاس في المعاني ٢/ ٣٦٥ دون نسبة.
(٤) كذا فسره الزمخشري ١/ ٣٦٥ عن ابن أبي ليلى.
(٥) اقتصر على هذا الوجه الزجاج ٢/ ٢٠٩، والنحاس ١/ ٥٢٠، ومكي ٢/ ٢٤٦، وابن عطية ٥/ ١٩٩. والأول إعراب الزمخشري ١/ ٣٦٤، والعكبري ١/ ٤٦٢. وانظر تعليل ذلك في البحر المحيط ٤/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>