للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

به تمتيعًا، كما أنه لما قال: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} (١)، كان دليلًا على أنه قد كتب عليهم ذلك، فقال: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} (٢).

قوله: {مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (ما) مع الفعل بتأويل المصدر بمعنى الدوام، وفي الكلام حذف مضاف، أي: وقت دوامكم محرمين. و {حُرُمًا} خبر دام، وقد ذكرت قبيل أن {حُرُمًا} جَمع حَرام.

والجمهور على ضم الدال في (ما دُمتم) فيمن يقول: دام يدوم، كصام يصوم، وقرئ: (ما دِمتم) بكسرها (٣)، فيمن يقول: دام يَدام، كخاف يخاف.

وقرئ في غير المشهور: (ما دمتم حَرَمًا) بفتح الحاء والراء (٤)، على أنه اسم واقع موقع المصدر الذي هو الإحرام، كالنبات موضع الإنبات على أحد التأويلين في قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} (٥) أي: ما دمتم ذَوِي حَرَمٍ، أي: ذوي إحرام.

{جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٩٧) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٨) مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (٩٩) قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠٠)}:


(١) سورة النساء، الآية: ٢٣.
(٢) سورة النساء، الآية: ٢٤، والآيتان من شواهد الزجاج في الموضع السابق.
(٣) قراءة شاذة نسبت إلى يحيى بن وثاب، انظر شواذ ابن خالويه/ ٣٥/، والبحر المحيط ٤/ ٢٤.
(٤) هي قراءة ابن عباس رضي الله عنهما كما في المحتسب ١/ ٢١٩، والمحرر الوجيز ٥/ ٢٠١.
(٥) سورة نوح، الآية: ١٧. وقد تقدم الكلام على تأويله أكثر من مرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>