للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واللام في {لِتَعْلَمُوا}: متعلقة على كلا التقديرين بالمحذوف المذكور، أي: لتعلموا أن الله يعلم كل شيء، وهو عالم بما يصلحكم وينعشكم مما أمركم به وكلفكم.

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٠١)}:

قوله عز وجل: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} اختَلف أهل العربية في أصل {أَشْيَاءَ} ووزنها: فذهب الخليل وصاحب الكتاب وموافقوهما (١): إلى أن أصلها شيئاء بهمزتين تفصل بينهما ألف مزيدة، فالهمزة الأولى لام الكلمة بإزاء الفاء من (طرفاء)، والثانية منقلبة عن ألف التأنيث كهمزة طرفاء، إلّا أنهم استثقلوا اجتماع همزتين ليس بينهما حاجز قوي لكون الألف ساكنًا، وهو من جنس الهمزة أيضًا، ألا تراه يعود إليها إذا مسته الحركة، فقدموا الهمزة التي هي لام الكلمة وأوقعوها قبل الفاء الذي هو الشين فقالوا: أشياء، ووزنها لفعاء، وهم وإن كانوا يَجمعون بين الهمزتين إذا فَصل بينهما ألف نحو (آأنذرتهم)، فليس هذا بمردود؛ لأن إزالة الاجتماع أذهب في الخفة على كل حال، ومن أجل أن أصلها فعلاء كصحراء امتنعت من الصرف.

ومما يقطع بأن {أَشْيَاءَ} أصلها فعلاء: أنهم جمعوها على أشاوى، كما جمعوا صحراء على صحارى، قال:

١٩٠ - يا ابنةَ الرجالِ كم من لذَّةٍ ... وأَشَاوَى من نَعِيمٍ لم تَدُمْ (٢)


(١) انظر كتاب سيبويه ٤/ ٣٨٠، ومعاني الزجاج ٢/ ٢١٢، وإعراب النحاس ١/ ٥٢١، والصحاح (شيأ)، ومشكل مكي ١/ ٢٤٦ - ٢٤٨. وانظر تفصيلًا واسعًا في الإنصاف المسألة الأخيرة ٢/ ٨١٢.
(٢) لم أجد هذا الشاهد فيما بين يدي من المصادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>