والأصل: صحاريّ بياءين، الأولى منهما بدل من الألف الأولى التي في صحراء انقلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، والياء الثانية بدل من ألف التأنيث التي كانت انقلبت همزة لوقوعها طرفًا بعد ألف زائدة؛ فلما زال عنها هذا الوصف زال أن تكون همزة، ثم حذفت الأولى من صحاريّ للتخفيف، فصار صحارِيْ، ثم أبدل من الكسرة فتحة ومن الياء ألف فصارت صحارَى كمدارَى والأصل: مَدَارِي، على مفاعل كمساجد، فكذلك أشاوى أصلها أشاييُّ بثلاث ياءات، الأولى عين الكلمة التي أخرت إلى موضع اللام، والأخريان بمنزلة الياءين في صحاريَّ، ثم فعل بها ما فعل بصحاري، فصارت أشايا، وأبدل من الياء التي هي عين في شيء واو، فبقيت أشاوى؛ كما أبدلت منها في جَبيت الخراج جِباوة، والأصل: جباية، وهي عندهم اسم مفرد اللفظ مجموع المعنى بمنزلة طَرْفاء، وليس بجمع شيء.
وذهب أبو الحسن وموافقوه (١): إلى أن أصلها أَشْيِئَاءُ، فاجتمعت همزتان بينهما ألف مزيدة، ووزنها أفعلاء، ثم حذفت الهمزة التي هي لام الكلمة حذفًا كراهة اجتماع الهمزتين، وإذا جاز حذف الهمزة منفردة في سوائية حيث قالوا: سَوَايَة، كان حذفها في نحو أفعلاء أَجْوَزَ لأمرين:
أحدهما: أن الهمزة متكررة.
والثاني: أن الجمع أحق بالتخفيف من الواحد، فصارت أشياء بوزن أفعاء، فإن قيل: هذا غلط؛ لأن شَيْئًا فَعْلٌ، وفَعْلٌ لا يجمع على أفعلاء، وإنما يجمع على فُعول وفِعال وغير ذلك، فالجواب عنه ما ذكره الشيخ أبو علي عن أحمد بن يحيى من قولهم: رجال سُمَحَاء، والواحد سَمْحٌ، وكما جمع فَعْلٌ على فعلاء، كذلك جمع على أفعِلاء؛ لأن أفعِلاء نظير فُعَلاء.
فإن قلت: كيف تصغر أشياء على رأي أبي الحسن؟ قلت: أخبرني
(١) انظر رأي أبي الحسن، والفراء، والزيادي، والكوفيين في معاني الزجاج ٢/ ٢١٢، وإعراب النحاس ١/ ٥٢١، ومشكل مكي ١/ ٢٤٧، والإنصاف ٢/ ٨١٢.