للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شيخنا أبو اليمن الكندي وقت قراءتي عليه في داره أن المازني سأل أبا الحسن عن تصغيرها فقال: أُشَيَّاءُ، فقال له: تركت قولك: لأن مثال أفعلاء لا يصغر على لفظه، ألا تراك لا تقول أغينياء ولا شيئًا من نحوه، وإنما يجب عليك أن ترده إلى الواحد، ثم تجمع بالألف والتاء فتقول: شُيَيْئَات، كما تقول: في قناديل: قنيديلات، وفي أغنياء وشعراء: غُنَيُّون، وشويعِرون، فلم يأتِ بمقنع (١).

وأجاب عنه الشيخ أبو علي وقال: إن السبب المانع من تصغير أفعلاء وما شابهه من أبنية الكثرة، أن التصغير علم القلة، فإذا أَلْحَقْتَهُ مثالًا موضوعًا للكثرة كنتَ كأنك جمعت بين الضدين، وهذا السبب قد ارتفع في أشياء من حيث إنهم أضافوا إليه العدد القليل فقالوا: ثلاثة أشياء، وأربعة أشياء، فَتَنَزَّلَ أفعلاء منزلة أفعال، وصار عوضًا منه، فكما أنك تصغر أفعالًا فتقول: أحيمال؛ لأنه عقد قلة، فلا ينافي التصغير، كذلك يجوز أن تصغر أفعلاء على لفظها؛ لكونها دالةً على القلة من جهة النيابة عن أفعال.

وأما جمعهم له على فعالَى، ولم يوجد أفعلاء مُكَسّرًا على فعالَى، فلأجل أن أفعلاء لم يُكَسَّرْ في الأصل، لأجل أنه يدل على الكثرة، وجمع الجمع يراد لإِفادة الكثرة، نحو: أكلب وأكاليب، وهذا لما صار بمنزلة أفعال وقام مقامه بالدَّلالة المذكورة آنفًا جاز تكسيره، كما جاز تصغيره على لفظه.

وذهب الكسائي وموافقوه (٢): إلى أن أشياء جمع شَىْء، ووزنه أفعال، كأشياخ وأبيات في جمع شيخ وبيت، وإنما لم ينصرف لشبه آخره بآخر حمراء، ووجه شبهه بحمراء أن العرب تقول في الجمع: أشياوات، كما


(١) انظر هذه الحكاية في المصادر السابقة أيضًا.
(٢) وافقه أبو عبيد. انظر المصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>