للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عز وجل: {مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ} أن وما اتصل بها في موضع رفع بأنها اسم كان، والخبر (لي).

وقوله: {مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} (ما) يحتمل أن يكون موصولًا وما بعده صلته، وأن يكون موصوفًا وما بعده صفته، وأن يكون بمعنى المصدر، أي: ما ينبغي لي أن أقول قولًا ليس بحق لي أن أقوله، والجملة في موضع نصب بقوله: {أَنْ أَقُولَ}.

و{بِحَقٍّ}: في موضع نصب بخبر ليس، و {لِي} صفة لحق، فلما قدم عليه نصب على الحال، وهذا يعضد قول من جوز تقديم حال المجرور عليه (١) نحو: مررت راكبًا بزيد، ولك أن تجعل {لِي} الخبر، و {بِحَقٍّ} إما خبرًا بعد خبر، أو حالًا من المستكن في الخبر.

وقوله: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي} مستأنف، واختلف في معناه، فقيل: المعنى تعلم ما عندي ولا أعلم ما عندك، أي: تعلم معلومي ولا أعلم معلومك (٢).

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: تعلم ما في غيبي ولا أعلم ما في غيبك (٣)، ومعناه قريب من معنى الأول، وحقيقته: أنك تعلم ما أعلم ولا أعلم ما تعلم (٤)، يدل عليه قوله: {إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}، لأن ما يعلمه علام الغيوب لا ينتهي إليه علم أحد.


(١) كذا أيضًا في التبيان ١/ ٤٧٥.
(٢) هكذا فسره الزمخشري ١/ ٣٧٣، وانظر القول حرفيًّا في مفاتيح الغيب ١٢/ ١١٢. وذكر ابن عطية ٥/ ٢٤٠ نصفه الثاني.
(٣) كذا في معالم التنزيل ٢/ ٨١ عن ابن عباس رضي الله عنهما، وذكره النحاس في معانيه ٢/ ٣٩١، والرازي ١٢/ ١١٢ دون نسبه. وانظر النكت والعيون ٢/ ٨٨.
(٤) هذه العبارة جعلها الماوردي في الموضع السابق قولًا مستقلًا في تفسير هذه الآية، وهي من كلام الزجاج ٢/ ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>