للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما قيل: {فِي نَفْسِكَ} لقوله: {فِي نَفْسِي}؛ لأن التشاكل في كلام القوم مطلوب، ونظيرهما قوله: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} (١).

{مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١١٧) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)}:

قوله عز وجل: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ} يحتمل أن يكون {مَا} موصولًا، وأن يكون موصوفًا، وهو في كلا التقديرين في موضع نصب بـ {قُلْتُ} على أنه مفعول به؛ لأن معنى {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ} ما أمرتهم إلّا بما أمرتني به، أو ما ذكرت لهم إلّا ما أمرتني به.

وقوله: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ} (أن) تحتمل أن تكون مصدرية موصولة بفعل الأمر الذي هو {اعْبُدُوا}، ومحلها الرفع على إضمار مبتدأ، أي: هو أن اعبدوا.

فإن قلت: كيف جاز أن توصل أن بفعل الأمر، ولم يجز ذلك في الذي وأخواته؟ قلت: قيل: لأن (الذي) اسم ناقص يحتاج إلى صلة توضحه كإيضاح الصفة للموصوف، وفعل الأمر لا يصح به بيان، لأن البيان يكون بما عُلِمَ، ولذلك احتاج إلى عائد من الصلة إليه، و (أن) حرف لا يحتاج إلى بيان ولذلك لم يجب أن يكون في صلته ضمير يعود إليه.

وأن تكون مفسرة لا موضع لها من الإِعراب، ولا يجوز أن تكون مفسرة إلّا بشرط أن يُحمل فعل القول وهو {مَا قُلْتُ لَهُمْ} على معناه دون اللفظ،


(١) سورة الكافرون، الآيتان: ٢ - ٣. والقول الذي سبق الآيتين من كلام الزمخشري ١/ ٣٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>