للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو ما أمرتهم إلّا بما أمرتني به، حتى يستقيم تفسيره بأن اعبدوا الله، هذا قول الزمخشري (١).

وسبب ذلك: أن القول قد صُرِّحَ به، و (أَيْ) (٢) لا يكون مع التصريح بالقول، وقال: إن جعلتها مفسرة لم يكن لها بد من مفسر، والمفسّر إما فعل القول، وإمّا فعل الأمر، وكلاهما لا وجه له.

أما فعل القول: فيحكى بعد الكلام من غير أن يتوسط بينهما حرف التفسير، لا تقول: ما قلت لهم إلّا أن اعبدوا الله، ولكن: ما قلت لهم إلّا اعبدوا الله.

وأما فعل الأمر: فمسند إلى ضمير الله تعالى، فلو فسرته باعبدوا الله ربي وربكم لم يستقم؛ لأن الله لا يقول: اعبدوا الله ربي وربكم إلّا على تأويل ما ذكرته آنفًا من قوله، ثم قال: وإن جعلتها موصولة بالفعل لم تخل من أن تكون بدلًا من {مَا أَمَرْتَنِي بِهِ}، أو من الهاء في {بِهِ}، وكلاهما غير مستقيم؛ لأن البدل هو الذي يقوم مَقام المُبدل منه، ولا يقال: ما قلت لهم إلّا أن اعبدوا الله، بمعنى: ما قلت لهم إلّا عبادته؛ لأن العبادة لا تقال. وكذلك إذا جعلته بدلًا من الهاء، لأنك لو أقمت {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ} مقام الهاء فقلت: إلّا ما أمرتني بأن اعبدوا الله، لم يصح لبقاء الموصول بغير راجع إليه من صلته، ولكن إن جعلتها موصولة عَطْفَ بيانٍ للهاء لا بدلًا جاز، انتهى كلامه (٣).

قلت: البدل جائز من (ما) على أن تجعل {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ} بمعنى: ما ذكرتُ لهم إلّا عبادة الله، ومن الهاء أيضًا على قول من لم يَنْوِ بالأول الطرْحَ وهو الوجه، أعني قول من لم يَنْوِ بالأول الطرح، وكفاك


(١) الكشاف ١/ ٣٧٤. والكلام الآتي للزمخشري أيضًا بنصه.
(٢) كذا في الجميع. وهي و (أن) واحدة هنا.
(٣) الكشاف ١/ ٣٧٣ - ٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>