للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عز وجل: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} قرئ: بالفتح والتشديد (١)، وفيه ثلاثة أوجه:

أحدهما: أنه عطف على {أَلَّا تُشْرِكُوا} (٢)، على قول من جعل أن في (أن لا تشركوا) الناصبة للفعل، على معنى: أتل عليكم نفي الإِشراك، وأتل عليكم أن هذا صراطي مستقيمًا.

والثاني: أنه معمول قوله: {فَاتَّبِعُوهُ} بتقدير اللام، كقوله: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (٣) بمعنى: ولأجل الاستقامة اتبعوه، والفاء صلة.

والثالث: أنه في موضع جر عطفًا على الهاء في (به) في قوله: {وَصَّاكُمْ بِهِ} (٤). ورُدَّ هذا من وجهين: أحدهما - أنه عطف على المضمر من غير إعادة الجار، والثاني - أنه يصير المعنى: وصَّاكم باستقامة الصراط، فالأول ضعيف من جهة الإِعراب، والثاني فاسد من جهة المعنى (٥).

قلت: العطف جائز عليه، والجارُّ مرادٌ، وإنما حُذف لطول أن بالصلة، وإذا كان مرادًا لم يكن عطف ظاهر على مضمر؛ لأن المحذوف كالمنطوق به، وأما من جهة المعنى فهو محمول على المعنى.

ومعنى {وَصَّاكُمْ بِهِ}: الزموه واتبعوه، وإذا كان كذلك كان حكم المعطوف حكم المعطوف عليه، ويكون قوله: {فَاتَّبِعُوهُ} كالتفسير للأول والتأكيد له، فاعرفه.


(١) هي قراءة أبي جعفر، ونافع، وابن كثير، وأبي عمرو، وعاصم كما سوف أخرج.
(٢) من الآية (١٥١) المتقدمة.
(٣) سورة الجن، الآية: ١٨.
(٤) من الآية السابقة.
(٥) بهذين الوجهين أيضًا رد أبو البقاء ١/ ٥٤٩ هذا الإعراب الذي هو للفراء ١/ ٣٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>