للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: في موضع الحال، أي: فتفرق وأنتم معها، والأصل فتتفرق.

وقرئ: بحذف إحدى التاءين وبإدغامها (١).

{ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (١٥٤)}:

قوله عز وجل: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا} فيه وجهان:

أحدهما: عطف على {وَصَّاكُمْ بِهِ} (٢)، قيل: وإنما جاز عطفه عليه بثم والإِيتاء قبل التوصية بدهر طويل؛ لأن هذه التوصية قديمة لم تزل تَوَصَّاها كُلُّ أمةٍ على لسان نبيها، كما قال ابن عباس - رضي الله عنه -: هذه الآيات محكمات لم ينسخهنّ شيء من جميع الكتب. فكأنه قيل: ذلكم وصاكم به يا بني آدم قديمًا وحديثًا، ثم أعظمُ من ذلك أَنَّا آتينا موسى الكتاب وأنزلنا هذا الكتاب المبارك (٣).

والثاني: عطف على ما تقدم قبل شطر السورة من قوله: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} (٤). وقيل: هو على إضمار القول، كأنه قيل: ثم قل آتينا موسى، يدل عليه قوله: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ} (٥)، فثم لترتيب ما أُمر به من القول، إذ قد علم أنه قبل القرآن (٦).

و{تَمَامًا}: مصدر قولك: تَمَّ الشيءُ يَتِمُّ تمامًا، إذا كَمل، فهو تامٌّ، وأتمه غيره إتمامًا، وفيه وجهان:


(١) الجمهور على أن التاء في (فتفرق) خفيفة، إلا البزي عن ابن كثير فقد قرأ بتشديدها. انظر المبسوط / ١٥٢/، والتذكرة ٢/ ٢٧٥، والنشر ٢/ ٢١٦، والإتحاف ٢/ ٣٨.
(٢) من الآية السابقة.
(٣) انظر هذا القول مع قول ابن عباس - رضي الله عنهما - في الكشاف ٢/ ٤٩.
(٤) الآية (٨٤) المتقدمة قبل شطر هذه السورة.
(٥) من الآية (١٥١).
(٦) انظر مثل هذا القول في معاني الزجاج ٢/ ٣٠٦، ومعاني النحاس ٢/ ٥٢٠، والمحرر الوجيز ٦/ ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>