للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا} أي: وعلموا وتيقنوا ضلالهم تيقنًا، كأنهم أبصروه بعيونهم.

وقرئ: {لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا} بالياء فيهما النقط من تحته مع رفع {رَبُّنَا} (١) على الخبر، قال ذلك بعضهم لبعض على وجه الندم حين تبين لهم الضلال في عبادة العجل.

وقرئ: بالتاء فيهما النقط من فوقه و (ربَّنا) بالنصب (٢) على النداء، وهذا كلام التائبين كما قال: {وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا} (٣) الآية.

{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١٥٠) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (١٥١)}:

قوله عز وجل: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} انتصاب {غَضْبَانَ} على الحال من موسى، وكذاي {أَسِفًا} حال منه على قول من جوز حالين من ذي حال واحد، أو من المستكن في {غَضْبَانَ} على قول من لم يجوز ذلك، ولا يجوز أن يكون نعتًا لغضبان كما زعم بعضهم؛ لأن النعت لا ينعت.

والأَسِفُ: الحزين، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (٤). وقال غيره: هو الشديد الغضب (٥). وفعله أسِف يأسَف بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر


(١) هذه قراءة أكثر العشرة كما سوف أخرج.
(٢) قرأها: حمزة، والكسائي، وخلف. انظر القراءتين في السبعة/ ٢٩٤/. والحجة ٤/ ٨٨. والمبسوط/ ٢١٥/.
(٣) الآية (٢٣) من هذه السورة.
(٤) أخرجه الطبري ٩/ ٦٣ - ٦٤ عنه وعن السدي.
(٥) قاله الزجاج ٢/ ٣٧٨. والطبري ٩/ ٦٣. والنحاس في المعاني ٣/ ٨٢. قلت: جمع الحسن بين المعنيين ففسره بالغضبان الحزين. انظر جامع البيان ٩/ ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>