للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٦٩)}:

قوله عزَّ وجلَّ: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ} (ورثوا) في محل الرفع على النعت لـ {خَلْفٌ}، والخلْفُ: القرن بعد القرن، وأكثر ما يستعمل بإسكان اللام في الذمّ، وفتحها في المدح، يقال: هذا خَلَفٌ صالحٌ، وهذا خَلْفُ سَوءٍ، عن ابن السكيت (١).

قال لبيد:

٢٣٧ - ذَهَبَ الذين يُعاشُ في أَكْنافِهِمْ ... وَبقِيتُ في خَلْفٍ كجِلْدِ الأَجْرَبِ (٢)

وقيل: إن الخلف مشتق من خَلَفَ اللَّبن، إذا طال مكثُهُ حتَّى يتغيَّر (٣)، ومنه: خلَف فمُ الصائم، إذا تغيَّر ريحُه (٤).

وقوله: {يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى} محلُّ {يَأْخُذُونَ} النصبُ على الحال من الضمير في {وَرِثُوا الْكِتَابَ}، أي: ورثوه آخذين حُطام هذا العالم


(١) انظر قول ابن السكيت في تهذيب الإصلاح / ٤٨/. والمشوف المعلم ١/ ٢٥٣ وليس فيهما إلا العبارة الثانية (هذا خلف سوء). وذكرهما معًا ابن دريد في الجمهرة ١/ ٦١٥. والجوهري في الصحاح (خلف). وقال أبو عبيدة في المجاز ١/ ٢٣٢. والأخفش في المعاني ١/ ٣٤١: إنهما سواء. وانظر أمالي القالي ١/ ١٥٨.
(٢) انظر هذا البيت في البيان والتبيين ١/ ٢٦٧. والكامل ٣/ ١٣٩٤. وجامع البيان ٩/ ١٠٥. وجمهرة اللغة ١/ ٦١٥. ومعاني النحاس ٤/ ٣٤٠. وأمالي القالي ١/ ١٥٨. والصحاح (خلف). والسمط ١/ ٤١٦. وتهذيب الإصلاح/ ٤٨/. والمشوف المعلم ١/ ٢٥٤. والعباب (خلف). ومعنى البيت كما شرحه الخطيب: ذهب الكرام الذين ينتفع بهم، وبقيت في قوم لا خير فيهم كجلد الأجرب. وجلد الأجرب من الجِمال لا يُنتفع به.
(٣) انظر الجمهرة ١/ ٦١٦. والصحاح (خلف).
(٤) المشوف المعلم ١/ ٢٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>