للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: اذكر، و {فَوْقَهُمْ} ظرف لقوله: {نَتَقْنَا}، أي: قلعناه ورفعناهُ فوقهم، يقال: نَتَقْتُ الشيءَ أَنْتُقُهُ نَتْقًا، إذا قلعته ورفعته، وينشد له:

٢٣٨ - * ينتُقُ أقتادَ الشليلِ نَتْقا (١) *

أي: يرفعه عن ظهره، والشليل: المسح الذي يُلْقَى على عجز البعير، وكفاك دليلًا {وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ} (٢).

وقوله: {كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ} محل {كَأَنَّهُ} النصب على الحال من الجبل، أي: ورفعناه مشبهًا ظُلةً، أو هو كأنه ظلة، فيكون في موضع رفع. والظلة: كل ما أظلك من سقيفة أو سحابة.

وقوله: {وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ} يحتمل أن يكون مستأنفًا، وأن يكون معطوفًا على {نَتَقْنَا} فيكون محله جرًا، وأن يكون حالًا وقد معه مرادة، أي: وقد علموأ أنه ساقط عليهم.

وقوله: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ} على إرادة القول، أي: وقلنا: خذوا ما آتيناكم، أو قائلين: خذوا ما آتيناكم، أي: رفعناه قائلين ذلك.

وقوله: {وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ} قرئ: (واذكروا) (٣) بمعنى تذكروا، وبه قرأ ابن مسعود - رضي الله عنه -: (وتذكروا ما فيه) (٤)، فكأنهم أمروا بالتذكر والتفكر، وهي قريبة من معنى قراءة الجمهور؛ لأنهم إذا تذكروا ذكروا.

{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (١٧٢) أَوْ


(١) رجز قاله العجاج. انظره في مجاز القرآن ١/ ٢٣٢. وجامع البيان ٩/ ١٠٩. وجمهرة اللغة ١/ ٤٠٨. وأقتاد: جمع قتد، وهو خشب الرحْل. وبقية ألفاظه فسرها المؤلف.
(٢) سورة النساء، الآية: ١٥٤.
(٣) هذه قراءة الجمهور دون خلاف.
(٤) كذا ذكرها الزمخشري ٢/ ١٠٣ عنه. وانظر البحر ٤/ ٤٢٠. والدر المصون ٥/ ٥١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>