للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصل {قِيلَ}: قُوِلَ، فاستثقلت الحركة على الواو، فنقلت إلى القاف بعد حذف حركتها، فانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، وهذا أصل مطرد في كل ما اعتلت عينه من الأفعال. ويجوز إشمام الفاءِ الضمَّ مع بقاء العين ساكنة تنبيهًا على الأصل، ومنهم من يقول: قُوْلَ، فيضم على أصلها، فتبقى الواو على حالها، وكذلك ما كان عينه ياء تقلب الياء فيه واوًا لسكونها وانضمام ما قبلها (١).

قال أبو علي: والأصل في هذه اللغات الثلاث كسر الفاء، والأخريان داخلتان عليها (٢).

وأجاز الأخفش: (قُيْل) بضم القاف مع بقاء الياء ساكنة، لأن كليهما عارض (٣).

فإن قلتَ: {قِيلَ} مسند إلى ماذا؟ قلت: إلى معنى قوله: {لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ}، كأنه قيل: وإذا قيل لهم هذا القول، أو هذا الكلام، لأن القول يعمل في المقولات.

فإن قلت: ما منعك أن تسنده إلى {لَهُمْ} كما زعم بعضهم (٤)؟ قلت: منعني عدم الفائدة فيهما (٥).

فإن قلت: ما حملك أن أسندته إلى معنى قوله: {لَا تُفْسِدُوا} دون لفظه؟ قلت: لأن الفعل خبر، وإسناد الخبر إلى الخبر نقضٌ للعادة، ودفعٌ للمشاهدة لعدم الفائدة، وأيضًا فإن {لَا تُفْسِدُوا} جملة، والجملة لا تكون فاعلةً، وإذا لم تكن فاعلة لم تقم مقام الفاعل.


(١) انظر في أصل (قيل): معاني الزجاج ١/ ٨٧، وإعراب النحاس ١/ ١٣٨، ومشكل مكي ١/ ٢٣ - ٢٤.
(٢) انظر قول أبي علي في الحجة ١/ ٣٤٩.
(٣) معاني الأخفش ١/ ٤٣ - ٤٤. وحكاها النحاس ومكي عنه.
(٤) انظر مشكل إعراب القرآن ١/ ٢٤، والبيان ١/ ٥٦.
(٥) يعني أن الكلام لا يتم به، وفي (د): فيها بدل فيهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>