للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و {لَهُمْ} متعلقة بـ {قِيلَ}، و {فِي الْأَرْضِ} متعلقة بـ {لَا تُفْسِدُوا}، وكلاهما في موضع نصب.

فإن قلت: على أي شيء عُطف {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ}؟ قلت: على (يُكَذِّبوُنَ)، وقد جُوِّزَ أن يعطف على {يَقُولُ آمَنَّا} (١)، لأنك لو قلت: ومن الناس من إذا قيل لهم لا تفسدوا، لكان صحيحًا. والمعنى: لا تفسدوا في الأرض بالكفر والمعصية وبصدِّ الناس عن الإيمان بالمُنزَل والمُنزَل عليه، عليه الصلاة والسلام.

والضمير في {لَهُمْ} للمنافقين، وقيل: لليهود (٢). والناهون: المؤمنون.

والفسادُ: تغيرُ الشيء عن حال استقامته، ونقيضُه: الصلاح، وهو الحصول على الحالة المستقيمة النافعة.

{إِنَّمَا}: (ما) كافة لإنَّ عن عملها، و {إِنَّمَا} لحصر الحكم على شيء، كقولك: إنما يَرْحَمُ اللهُ، أو لحصر الشيء على حكم، كقولك: إنما زيدٌ كاتبٌ، أي: ليس فيه من الفضيلة التي تنسب إليه له موى الكتابة، ومنه قوله تعالى: {إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} (٣) لأنهم طلبوا منه ما لا يقدر عليه البشر، فأثبت لنفسه صفة البشر، ونَفَى عنه ما عداها.

و{نَحْنُ}: اسم مضمر منفصل مبني على الضم، يقع على الواحد الجليل القَدْر، والاثنين والجماعة المخبرين عن أنفسهم، وحركت النون لالتقاء الساكنين، وإنما حركت بالضم دون أختيه؛ لأن {نَحْنُ} ضمير مرفوع


(١) من الآية (٨) قبلها.
(٢) هكذا ذكر القولين البغوي ١/ ٥١، وابن عطية ١/ ١١٧ - ١١٨، أما الأول فخرجه الطبري ١/ ١٢٥ عن عدة من الصحابة رضي الله عنهم، وقال: هو أولى التأويلين، وذلك أنه خرّج عن سلمان رضي الله عنه أن المراد بهم: قوم لم يأتوا بعد. لذلك اقتصر الماوردي ١/ ٧٤، وابن الجوزي ١/ ٣١، على ذكر قولي الطبري فقط.
(٣) سورة الكهف، الآية: ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>