للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالله لو استطعنا لخرجنا معكم، أو سيحلفون بالله يقولون: لو استطعنا (١).

وقوله: {لَخَرَجْنَا} سد مسد جوابي القسم و {لَوِ} جميعًا.

والجمهور على كسر واو {لَوِ اسْتَطَعْنَا}، لا على الأصل، وقرئ: بضمها (٢) تشبيهًا لها بواو الجمع نحو: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ} (٣)، كما شبهت واو الجمع بها فكسرت فقيل: (فتمنوِا الموت) وبه قرأ بعض القراء (٤)، وقد مضى الكلام على تفصيل هذا النحو في "البقرة" عند قوله: {اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ} بأشبع ما يكون، فأغنى ذلك عن الإِعادة ها هنا (٥).

وقوله: {يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ} يحتمل أن يكون مستأنفًا، وأن يكون بدلًا من {وَسَيَحْلِفُونَ}، وأن يكون حالًا إمّا من الضمير في {وَسَيَحْلِفُونَ} بمعنى أنهم يوقعونها في الهلاك بسبب أقسامهم الكاذبة مع إضمارهم النفاق، أو من الضمير في قوله: {لَخَرَجْنَا} بمعنى: لخرجنا معكم مهلكين أنفسنا بإلقائنا إياها في التهلكة بما نُحَمِّلُها من المسير في تلك المسافة الشاقة.

قيل: وجاء به على لفظ الغائب؛ لأنه مخبر عنهم، ألا ترى أنه لو قيل: سيحلفون بالله لو استطاعوا لخرجوا، لكان سديدًا، يقال: حلف بالله ليفعلنَّ ولأفعلن، فالغيبة على حكم الإِخبار، والتكلم على الحكاية (٦).

{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (٤٣)}:


(١) انظر الكشاف ٢/ ١٥٣.
(٢) قراءة شاذة نسبت إلى الأعمش كما في المحتسب ١/ ٢٩٢. والمحرر الوجيز ٨/ ١٩١. وزاد المسير ٣/ ٤٤٤. وأضيفت في هذا الأخير إلى الأصمعي عن نافع. وفي البحر ٥/ ٤٦ أنها قراءة زيد بن علي أيضًا.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٩٤.
(٤) هو ابن أبي إسحاق. انظر البحر ١/ ٣١٠. والدر المصون ٢/ ٨.
(٥) انظر إعرابه للآية (١٦) من البقرة.
(٦) الكشاف ٢/ ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>