للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: عنّي، والأول أمتن، لبقاء (إلى) على بابها (١).

ولك أن تجعل (خلا) بمعنى مضى، ومنه القرون الخالية، أي: مضوا إلى شياطينهم، وقد مضى الكلام على الشيطان واشتقاقه ووزنه في الاستعاذة، فأغنى ذلك عن الإعادة هنا.

{إِنَّا مَعَكُمْ}: {إِنَّا} إنّ واسمها، والظرف الذي هو {مَعَكُمْ} خبرها، وقد أُجيز فيه إسكان العين (٢). والأصل في {إِنَّا} إنَّنا بثلاث نونات، ثم حذفت إحداهن كراهية اجتماع الأمثال، والمحذوفة هي الوسطى، بدلالة قوله تعالى: (وَإِنْ كُلًّا لَّمَّا لَيُوَفيَنَّهُمْ) (٣) على قراءة من خفف النون (٤)، وقد أتى على الأصل والتمام في نحو قوله عز وجل: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (٥).

ومعنى قوله: {إِنَّا مَعَكُمْ} أي: إنا مصاحبوكم وموافقوكم على دينكم.

{إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}: الاستهزاء: السخرية والاستخفاف. ويجوز في {مُسْتَهْزِئُونَ} ونحوه خمسةُ أوجهٍ:

تحقيق همزته وهو الأصل.

وتخفيفها بين بين على مذاق العربية، وهو المختار بعد الأول (٦).


(١) كون (إلى) بمعنى: (مع) ذكره الأخفش ١/ ٥١، والطبري ١/ ١٣١ هكذا بشواهده، وقدم عليه القول الأول كما قلت، وكذلك ضعفه ابن عطية ١/ ١٢٣، وتبعه القرطبي ١/ ٢٠٧، والعجب من ابن الجوزي في زاده ١/ ٣٤، فقد اقتصر عليه.
(٢) قال النحاس في إعرابه ١/ ١٤٠: ومن أسكن العين جعل (مع) حرفًا.
(٣) سورة هود، الآية: ١١١.
(٤) قرأها الحرميان، وأبو بكر عن عاصم. وشدد الباقون، انظر السبعة/ ٣٣٩/، والمبسوط / ٢٤٢/، والتذكرة ٢/ ٣٧٤/، والتبصرة/ ٥٤٢/.
(٥) سورة طه، الآية: ٤٦.
(٦) وهذا هو مذهب سيبويه ٣/ ٥٤٢، وقال النحاس ١/ ١٤٠: فسيبويه يجعلها بين الهمزة والواو، وحجته أن حركتها أولى بها. وقال ابن عطية ١/ ١٢٤: أكثر القراء على ما ذهب إليه سيبويه.

<<  <  ج: ص:  >  >>