للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبيل الاستعارة، لأن الاشتراء فيه إعطاءُ بَدَلٍ، وأخذ آخر.

والقوم - أخزاهم الله - إنما تركوا الهدى وآثروا الضلالة عليه.

{فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ}: أي فما ربحوا في تجارتهم، لأن التجارة لا تربح وإنما يُربح فيها ويُخسر فيها.

قال أبو إسحاق: والعرب تقول: قد خسر بيعك، وربحت تجارتك، يريدون بذلك الاختصار وسعة الكلام (١).

وقريء: (تجاراتهم) على الجمع (٢)، لاختلاف أنواعها، كما جُمع الظنُّ في قوله جل ذكره: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} (٣) لذلك، وهو مصدر قولك: تَجَرَ فلانٌ يتجُرُ بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر تَجْرًا وتجارةً بمعنىً، فعرفه.

والتجارة: صناعة التاجر الذي يبيع ويشتري للربح.

{وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} في اشترائهم الضلالة بالهدى.

{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (١٧)}:

قوله عز وجل: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي}.

{مَثَلُهُمْ}: رفعٌ بالابتداء، {كَمَثَلِ}: خبره، الكاف متعلقة بمعنى الاستترار إن جعلتها حرفًا، وإلا فلا. والمَثَلُ والمِثْلُ بمعنىً، وهو النظير، يقال: مِثْلٌ ومَثَلٌ ومَثِيلٌ، كشِبْهٍ وشَبَهٍ وشَبيهٍ.

و{الَّذِي}: هنا بمنزلة (مَن) و (ما) ولهذا أُفْرِدَ الضميرُ في قوله: {مَا


(١) معاني القرآن لأبي إسحاق الزجاج ١/ ٩٢.
(٢) نسبها ابن عطية ١/ ١٢٨، وأبو حيان ١/ ٧٣ إلى إبراهيم بن أبي عبلة.
(٣) سورة الأحزاب، الآية: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>