للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} (ما) تحتمل أن تكون موصولة، وأن تكون مصدرية، بمعنى: وضاع عنهم وغاب ما كانوا يدعون أنهم شركاء لله، أو افتراؤهم الذي كانوا يفترونه في الدنيا.

{فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٣٢)}:

قوله عز وجل: {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ} (ذلكم) مبتدأ، والإشارة إلى مَن هذه قدرته وأفعاله، والخبر اسم الله جل ذكره. و {رَبُّكُمُ الْحَقُّ} صفتان له، ويجوز نصب الحق على ما ذكر آنفًا.

وقوله: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} (الضلال) بدل من ماذا، وقد مضى الكلام على (ماذا) في غير موضع فيما سلف من الكتاب (١).

{كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٣٣) قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣٤)}:

قوله عز وجل: {كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا} قال أبو إسحاق: الكاف في موضع نصب، أي: مِثْلَ أفعالهم جازاهم ربك، انتهى كلامه (٢). و (ذلك): إشارة إلى انصرافهم عن الحق بعد الإقرار.

وقوله: {أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} محل أن وما اتصل بها الرفع إمّا على البدل من الكلمة، بمعنى: حق عليهم انتفاء الإيمان، أو هي أنهم لا يؤمنون على التفسير لها، أو النصب لعدم الجار وهو اللام، بمعنى: لأنهم لا يؤمنون، أو الجر على إرادته على الخلاف المشهور المذكور في غير موضع. والمراد بالكلمة على هذا الوعيد بالعقاب.

وقرئ: (كلمة ربك) على الإفراد على إرادة الجنس، أو على جعل


(١) انظر أول هذه المواضع عند إعراب الآية (٢٦) من البقرة.
(٢) معاني الزجاج ٣/ ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>