للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمير الشيء لم يتعدَّ إليه، إذ لا يعمل مرتين، أَلَا ترى أنك إذا قلت: زيدًا مررت به، كان منصوبًا بفعل مضمر لا بهذا الظاهر، لما ذكرت آنفًا، فاعرفه.

{السِّحْرُ}: خبر ابتداء محذوف أيضًا كما في الوجه الأول، أي: هو السحر.

وقرئ: (آلسحْرُ) على الاستفهام (١)، فـ (ما) على هذه القراءة استفهام ليس إلّا، والدليل على ذلك: استقلال الكلام بقوله: {جِئْتُمْ بِهِ}، إذ لو كان موصولًا لاحتاج إلى جزء آخر ينضم إليه، وفي محله وجهان:

أحدهما: الرفع بالابتداء، و {جِئْتُمْ بِهِ} في موضع الخبر. ويرتفع {السِّحْرُ} على أحد شيئين: إمّا غلى إضمار مبتدأ، أيْ: أيّ شيء جئتم به أهو السحر؟ أو بالعكس، أي: السحر هو، أو على البدل من {مَا}، وخبره على هذا الوجه خبر المبدل منه، ولذلك لحقه الاستفهام، إذ هو بدل من استفهام، ليستوي البدل والمبدل منه في لفظة الاستفهام.

وعلى هذا قالوا: كم مالك؟ أعشرون أم ثلاثون؟ فجعلوا (العشرون والثلاثون) بدلًا من كم، وألحقوا حرف الاستفهام (العشرون)؛ لأن المبدل منه وهو (كم) استفهام.

فأما الاستفهام مع علم موسى - عليه السلام - أنه سحر: فعلى وجه التقرير والتوبيخ، كقوله: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى} (٢)، وقوله: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ} (٣)، ونحو هذا كثير في كلام القوم نظمهم ونثرهم.

وعن الفراء: أنه أجاز نصب {السِّحْرُ} على المصدر، وجعل {مَا}


(١) قراءة صحيحة، قرأها أبو عمرو، وأبو جعفر، انظر السبعة / ٣٢٨/. والحجة ٤/ ٢٩٠. والمبسوط/ ٢٣٥/.
(٢) سورة طه، الآية: ١٧.
(٣) سورة المائدة، الآية: ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>