للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي في الأصل للمرة الواحدة، يقال: دعوت الله له وعليه دعاء، والدعوة: المرة الواحدة، وقرئ: (دعواتكما) على الجمع (١).

قال أبو الفتح: وبهذه القراءة يُعْلَمُ أن قراءة الجماعة (قد أجيبت دعوتكما) يراد فيها بالواحد معنى الكثرة، وساغ ذلك؛ لأن المصدر جنس والجنس يقع على القليل والكثير (٢).

وقوله: {وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} قرئ: (ولا تتبعانّ) بتشديد النون (٣)، وهي نون التأكيد دخلت على النهي، والفعل مبني معها، وحَذْفُ النونِ التي هي علم للرفع في فعل الاثنين كحذف الضمة التي هي علم للرفع في فعل الواحد، وكسرت النون لوقوعها بعد ألف التثنية تشبيهًا بها، أعني نون التأكيد بنون التثنية، وشبهها بها في كونها مزيدة مثلها وداخلة لمعنىً كدخولها.

وقرئ: (ولا تتبعانِ) بتخفيف النون مع كسرها (٤)، وفيه ثلاثة أوجه:

أحدهما: أن الفعل معرب مرفوع، والنون علم الرفع، ولفظه لفظ الخبر ومعناه النهي، كقوله: (لا تُضارُّ والدة بولدها) (٥) على قراءة أبي عمرو، وابن كثير (٦). ولك أن تجعله حالًا من الضمير في (استقيما)، أي: استقيما غير متَّبعين طريق الجهلة.


(١) قراءة شاذة نسبها أبو الفتح ١/ ٣١٦ إلى أبي عبد الرحمن السلمي. ونسبها ابن عطية ٩/ ٨٥ إلى السدي، والضحاك. وهي رواية حماد عن عاصم كما في زاد المسير ٤/ ٥٨.
(٢) المحتسب ١/ ٣١٦.
(٣) هذه قراءة العشرة عدا ابن عامر كما سيأتي.
(٤) قرأها ابن عامر برواية ابن ذكوان وحده. انظر المبسوط / ٢٣٥/. والتذكرة ٢/ ٣٦٧. والكشف ١/ ٥٢٢. وذكرها ابن مجاهد من رواية غير ابن ذكوان لكن خفيفة التاء والنون. انظر السبعة / ٣٢٩/. والحجة ٤/ ٢٩٢ - ٢٩٣. وقد غلّط الدانيّ ابن مجاهد في ما روى عن ابن ذكوان. انظر النشر في القراءات العشر ٢/ ٢٨٦.
(٥) سورة البقرة، الآية: ٢٣٣.
(٦) يعني برفع الراء من (لا تضار). وقد تقدم تخريج هذه القراءة في موضعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>