للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنه مبني والنون نون التأكيد الداخلة على النهي، كما هي في قراءة الجماعة إلّا أنه استثقل التضعيف فخففت بحذف إحدى النونين وهي الأولى دون الثانية، فإن قلت: لم حذفت الأولى دون الثانية؟ قيل: لأنك لو حذفت الثانية التقى ساكنان، فكنت تحتاج إلى الحذف أو التحريك، فلذلك حذفت الأولى دون الثانية (١).

وإلثالث: أنه مبني والنون نون التأكيد الخفيفة، وكسرها لالتقاء الساكنين تشبيهًا بنون التثنية، وهو مذهب يونس (٢).

والذي جوز ذلك ما في الألف من فرط مَدٍّ، والمد يقوم مقام الحركة، وأَبَى ذلك صاحب الكتاب وشيخه الخليل (٣) وذلك أن فعل الاثنين إذا أسقطت منه التي هي علم الرفع لأجل النهي، وجيء بالنون الخفيفة لم يخل من ثلاثة أوجه:

إمَّا أن تكسر لالتقاء الساكنين، أو تحذف الألف، أو تُقَرَّ النونُ ساكنة، فالأول لا يجوز؛ لأنه لا يعلم حينئذ نون إعراب هي أم نون تأكيد، والثاني: ممنوع لأجل التباس فعل الاثنين بفعل الواحد، والثالث: مردودٌ؛ لأنهم لا يجمعون بين ساكنين مظهرين في الإِدراج، وإنما يكون ذلك إذا كان الثاني منهما مدغمًا نحو: دَابَّة، ومُدَيْق (٤).

وأجاز ذلك يونس، وَوَجْهُهُ ما ذكرتُ آنفًا، فاعرفه فإنه من كلام المحققين من أصحابنا، والله أعلم.

{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا


(١) انظر الحجة ٤/ ٢٩٤. والتبيان ٢/ ٦٨٥.
(٢) انظر مذهب يونس في كتابه سيبويه ٣/ ٥٢٧. والخصائص ١/ ٩٢. والإنصاف ٢/ ٦٥٠.
(٣) انظر كتاب سيبويه ٣/ ٥١٩ وما بعد.
(٤) سقطت هذه الكلمة الأخيرة من (ط). وإنما هي تصغير (مدق). انظر شرح ابن يعيش ٩/ ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>