للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٣)}:

قوله عز وجل: {وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ} أي: واطمأنوا إليه، وانقطعوا إلى عبادته بالخشوع والتواضع، من الخَبْت، وهي الأرض المطمئنة.

والإخبات: الخشوع، يقال: أَخْبَت لله، وفيه خَبْتَةٌ، أي: تواضع.

{مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٢٤)}:

قوله عز وجل: {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ} رفع بالابتداء، والخبر {كَالْأَعْمَى}، أي: كمثل الأعمى، قاله أبو الحسن (١). شبه فريق الكافرين بالأعمى والأصم، وفريق المؤمنين بالبصير والسميع، والتقدير: مثل الفريق الكافر كمثل الأعمى والأصم، ومثل الفريق المؤمن كمثل السميع والبصير.

وقوله: {هَلْ يَسْتَوِيَانِ}: يعني الفريقين، {مَثَلًا} أي: في المثل، يعني في الشبه، وانتصابه على التمييز. والاستفهام بمعنى النفي، أي: لا يستويان.

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦)}:

قوله عز وجل: {إِنِّي لَكُمْ} قرئ بكسر الهمزة (٢) على إرادة القول، أي: أرسلناه إليهم فقال لهم: إني. وقرئ: بفتحها (٣) على إرادة الجار وهو الباء، أي: أرسلناه بأني لكم نذير، ومعناه: أرسلنَاه ملتبسًا بهذا الكلام، وهو قوله: {إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ} بالكسر، فلما اتصل به الجار فتح، كما فتح


(١) معانيه ١/ ٣٨١. وحكاه عنه النحاس ٢/ ٨٥.
(٢) قرأها نافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة كما سوف يأتي.
(٣) قرأها الباقون من العشرة. انظر القراءتين في السبعة/ ٣٣٢/. والحجة ٤/ ٣١٥. والمبسوط / ٢٣٨/.

<<  <  ج: ص:  >  >>