للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في كأن، والمعنى على الكسر، وهو قولك إنَّ زيدًا كالأسد، قاله: الزمخشري (١).

وكان القياس: بأنه لهم؛ لأن نوحًا اسم للغيبة، فالراجع إليه ينبغي أن يكون على لفظ الغيبة دون لفظ الخطاب، ولكنه على الرجوع من الغيبة إلى الخطاب، ونظيره قوله عز وجل: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ} (٢)، ثم قال: {فَخُذْهَا}، فخرج من الغيبة إلى الخطاب كما ترى، ونحو هذا كثير شائع في كلام القوم نثرهم ونظمهم.

فإن قلت: لم سمي نوحًا؟ قلت: قيل: لأنه كان ينوح على نفسه (٣).

وقوله: {أَلَّا تَعْبُدُوا} بدل من {إِنِّي لَكُمْ}، أي: أرسلناه بألا تعبدوا إلّا الله، وقد جوز أن تكون مفسرة متعلقة بـ {أَرْسَلْنَا}، أو بـ {نَذِيرٌ} (٤)، وقد مضى الكلام على نظيرها في أول السورة بأشبع من هذا (٥).

وقوله: {عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ} وُصفَ اليوم بأليم لوقوع الألم فيه، ونظيره قولهم: نهارك صائم، وليلك نائم، لوقوع الصوم والنوم فيهما (٦).

والمعنى: عذاب يوم مؤلم، أي موجع.

{فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (٢٧)}:


(١) الكشاف ٢/ ٢١٢.
(٢) سورة الأعراف، الآية: ١٤٥.
(٣) قاله عكرمة كما في إعراب النحاس ٢/ ٨٩. وانظر مشكل مكي ١/ ٤٠٠. والروض الأنف ١/ ٣.
(٤) أجازه الزمخشري ٢/ ٢١٢.
(٥) انظر إعراب الآية (٢) منها.
(٦) ولذلك قال أبو إسحاق ٣/ ٤٦. يجوز في غير القراءة: إني أخاف عليكم عذاب يومٍ أليمًا. لأن الأليم صفة للعذاب، وإنما وصف اليوم بالألم، لأن الألم فيه يقع.

<<  <  ج: ص:  >  >>