للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمشي: جنس الحركة المخصوصة، فإذا اشتد فهو سَعْيٌ، فإذا ازداد فهو عَدْوٌ.

{وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا}: (أظلم) فعل غير متعدٍّ، يقال: أظلم الليل، وأظلم القوم، أي: دخلوا في الظلام. وظَلِم الليل بالكسر، وأظلم بمعنىً، عن الفرّاء (١). وقد جُوّز أن يكون متعديًا منقولًا من ظَلِمَ الليلُ، تعضده قراءة من قرأ: (وإذا أُظْلِم)، على ترك تسمية الفاعل، وهو يزيد بن قطيب (٢).

ومعنى: {قَامُوا}: وقفوا وثبتوا في مكانهم متحيرين، ومنه قامت السوق، إذا ركدت، وقام الماء: جَمَدَ (٣).

وقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ}: (لو) حرف يمتنع به الشيء لامتناع غيره، وفيه معنى الشرط، ولهذا يَطْلُبُ الفعلَ والجوابَ كالشرط المحض. ومفعول {شَاءَ} محذوف، وحَسُن حذفه لأن الجواب يدل عليه، والتقدير: ولو شاء الله أن يَذهب بسمعهم وأبصارهم لذهب بها، وألفه منقلبة عن ياء، بدليل قولهم في مصدره: شيئًا ومشيئة. والمعنى: ولو شاء الله لذهب بسمعهم بقصيف الرعد، وهو شدة صوته، وأبصارهم بوميض البرق، وهو لمعه.

وقرئ: (لأذْهَبَ بأسماعهم) (٤)، على أن الباء مزيدة للتأكيد، كقوله:


(١) معاني الفراء ١/ ١٨، وحكاها عنه الجوهري (ظلم)، وضبطت (ظلِم) في معاني الزجاج ١/ ٩٦ بفتح اللام، خطأ، لأن تلك من الظلام وهذه من الظلم.
(٢) كذا في الكشاف ١/ ٤٣، ونسبها ابن عطية ١/ ١٣٩ إلى الضحاك، وانظر البحر ١/ ٩٠، فقد نسبها لكليهما، ويزيد بن قُطَيب السَّكُوني الحمصي روى عن أبي بحرية صاحب سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه. (انظر المعرفة والتاريخ ٢/ ٣١٣ - ٣١٤. والجرح والتعديل ٩/ ٢٨٥، وتهذيب الكمال ٣٢/ ٢٢٧، والكاشف ٣/ ٢٨٤، وقال: ثقة، وتقريب التهذيب/ ٦٠٤/ وقال: مقبول الرواية. قال ابن الجزري في غاية النهاية ٢/ ٣٨٢: له اختيار في القراءة ينسب إليه.
(٣) كذا في الكشاف ١/ ٤٣.
(٤) هي قراءة ابن أبي عبلة كما في الكشاف ١/ ٤٣، والمحرر الوجيز ١/ ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>