للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تيمًا الثاني بين الأول وما أضيف إليه، وكإقحامهم لام الإضافة بين المضاف والمضاف إليه في لا أبا لك (١).

{لَعَلَّكُمْ}: لعل واسمُها، {تَتَّقُونَ}: خبرها، وهي من صلة {اعْبُدُوا} والتقدير عند صاحب الكتاب: افعلوا ذلك على الرجاء والطمع أن تتقوا، كما قال تعالى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (٢) على معنى: اذهبا على طمعكما ورجائكما أن يَذَّكَّر أو يخشى (٣).

وقيل: معنى {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}: كي تتقوا، عن قُطرب، وأبي علي (٤)، وقد منع أن يكون من صلة قوله: {خَلَقَكُمْ}، لأن مَن خَلَقه الله لجهنم، لم يخلقه ليتقي، اللهم إلا على تأويل، وذلك أن كل مولود لَمَّا ولد على الفطرة جاز لمتأمل أن يتوقع له ويرجو أن يكون متقيًا.

وأصل تتقون: (تَوْتَقِيُون) فأدغمت الواو في التاء بعد أن قلبت تاءً، وألقيت حركة الياء على القاف، بعد أن أزيلت حركتها، ثم حذفت الياء لسكونها وسكون واو الجمع بعدها. وقيل: بل أسكنت الياء استخفافًا، ثم حذفت لما ذكرت آنفًا وقد ذُكر، ووزنه الآن (٥) (تفتعون)، فاعرفه وقس عليه.

{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)}:

قوله عز وجل: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ} الموصول مع صلته إما في محل النصب بـ {تَتَّقُونَ} أو بإضمار أعني، ولك أن تجعله وصفًا مكررًا،


(١) القراءة مع توجيهها وشاهدها للكشاف ١/ ٤٥، ونقلها بحرفها أيضًا أبو حيان ١/ ٩٥ عنه.
(٢) سورة طه، الآية: ٤٤.
(٣) انظر الكتاب ١/ ٣٣١، وقد سقطت هذه العبارة من أول الآية إلى سطرين آخرين من (د).
(٤) نسبه ابن الجوزي في الزاد ١/ ٤٨ إلى مقاتل، وقطرب، وابن كيسان. قلت وبهذا المعنى فسره الطبري ١/ ١٦١، والبغوي مع ذكره معنى سيبويه ثانيًا.
(٥) يعني بعد الحذف. وقد سقطت كلمة (الآن) من المطبوع، وانظر البيان ١/ ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>