للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلا الأرضَ فاسمه بناء (١).

وقوله: {مِنَ السَّمَاءِ}: (مِن) لابتداء غاية المكان، متعلق بـ {وَأَنْزَلَ} تَعَلُّقَ الجار بالفعل، ولك أن تعلقه بمحذوف إذا جعلته حالًا من {مَاءً}، لأن وصف النكرة إذا قُدِّمَ على الموصوف نُصب على الحال، كقوله:

٥٥ - لِعزَّةَ مُوحِشًا طَلَلٌ ... ........................ (٢)

فـ (موحشًا): حال من طلل على رأي أبي الحسن، ولا يجوز أن يكون حالًا منه على رأي سيبويه؛ لبقائه بلا عامل، فاعرفه فإن فيه أدنى غموض، والتقدير: وأنزل ماء ثابتًا أو كائنًا من السماء (٣).

والهمزة في {مَاءً} بدل من هاء هي لامه، بدليل قولهم في تصغيره: مُوَيْهٌ، وفي جمعه: أَمْواهٌ ومِياهٌ. وماهت الرَّكِيَّةُ (٤) تموه مَوْهًا ومُؤُوهًا، إذا ظهر ماؤها وكثر. وأصله: مَوَهٌ بتحريك العين، إلا أنها قلبت ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها كما قلبت في بابٍ ومالٍ لذلك.

فإن قلتَ: لم قَضيتَ بتحريك عينه بانقلابها، ولم تقضِ بذلك بجمعه على أفعال، كقَتَبِ وأقتاب، وجمل وأجمال؟ قلتُ: لأن عينه واو، والعين إذا كانت واوًا وكَانت ساكنة في المثال، كان بابه أن يُكَسَّر فيه القلة على


(١) معاني الزجاج ١/ ٩٩.
(٢) جزء من بيت شعر لكثير عزة، وتمامه:
......................... قديمُ ... عفاهُ كُلُّ أَسْحَمَ مُسْتَدِيمُ
ويروى - وسوف يأتي -:
لمية موحشًا طلل ... يَلوحُ كأنهُ خِلَلُ
وهو من شواهد سيبويه ٢/ ١٢٣. والفراء ١/ ١٦٧، ومجالس العلماء ١٣١ - ١٣٢، وإعراب ثلاثين سورة/ ٢٣١/، وإيضاح الشعر/ ٢٥١/، والخصائص ٢/ ٤٩٢، والمقتصد ١/ ٢٣٤، وشرح ملحة الحريري/ ١٩١/، والمفصل/ ١٨١/ وشرحه ٢/ ٦٢.
(٣) انظر كلام سيبويه حول هذه المسألة في كتابه ٢/ ١٢٣.
(٤) الركية: البئر.

<<  <  ج: ص:  >  >>