للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يكون البعد بمعنى البَعَد وهو الهلاك، كالرُّشد بمعنى الرَّشَد، وقد ذكر فيما سلف.

{يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (٩٨)}:

قوله عز وجلَّ: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}: يقدُم: مستأنف عار من المحل، والمعنى: يتقدمهم. يقال: قدَمه يقدُمه - بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر - قَدْمًا، بمعنى تقدَّمه.

وسياق الكلام: يقدمهم فيوردهم النار، وإنما جيء بلفظ الماضي، لكونه يدلُّ على أمر موجود مقطوع به (١). والإيراد: الإدخال.

وقوله: {وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} (الورد) فاعل بئس، و {الْمَوْرُودُ}: هو المخصوص بالذم. ولك أن تجعل {الْمَوْرُودُ} صفة للوِرد، فيكون المخصوص بالذم محذوفًا.

والورد المورود: هو الموضع الذي يرده الواردون، والمورود: الذي وردوه، أي: بئس الموضع الذي يردونه النارُ.

{وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (٩٩)}:

قوله عزَّ وجلَّ: {بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ} فاعل {بِئْسَ} الرفد، و {الْمَرْفُودُ} نعت له، والمخصوص بالذم محذوف، أي: بئس: الرفد المرفود رفدُهم، وهو اللعنة؛ لأنهم يلعنون في الدارين، وهو قوله: {وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ}، كأنه قيل: بئس العون المعان اللعنة.

وذلك أن اللعنة في الدنيا رِفْدٌ للعذاب ومدد له، وقد رُفدتْ باللعنة


(١) كذا علله الزمخشري ٢/ ٢٣٣ أيضًا. وقال ابن عطية ٩/ ٢١٨: أوقع الماضي في (أوردهم) موقع المستقبل لوضوح الأمر، وارتفاع الإشكال عنه. ووجه الفصاحة من العرب: أنها تضع أحيانًا الماضي موضع المستقبل أن الماضي أدل على وقوع الفعل وحصوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>