للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٩٤)}:

قوله عز وجل: {سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ} قد جوز أن تكون {مَنْ} استفهامية معلقة لفعل العلم عن عمله فيها، كأنه قيل: سوف تعلمون أينا يأتيه عذاب يخزيه، وأينا هو كاذب؟

وأن تكون موصولة معمولة لفعل العلم قد عمل فيها، كأنه قيل: سوف تعلمون الشقي الذي يأتيه عذاب يخزيه، والذي هو كاذب (١)، وقد ذكر نظيرها فيما سلف من الكتاب في غير موضع (٢).

{كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٩٦) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (٩٧)}:

قوله عزَّ وجلَّ: {أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ} انتصاب قوله: {بُعْدًا} على المصدر، وقد ذكر نظيره قبيل (٣).

والجمهور على كسر عين {بَعِدَتْ} أي: هلكت، ومستقبله يبعَد بالفتح، ومصدره بَعَدًا، وقد ذكر أيضًا فيما سلف من السورة بأشبع من هذا (٤).

وقرئ: (كما بعُدت) بضم العين (٥)، ومصدره البُعْدُ، وهو من البُعد في المكان، على معنى: أَلَا بعدًا لهم من رحمة الله، كما بَعُدت ثمود منها،


(١) كذا الوجهان في الكشاف ٢/ ٢٣٢. وهما للفراء ٢/ ٢٦ قبله، وذكرهما النحاس ٢/ ١٠٨. وابن عطية ٩/ ٢١٦ لكنهما قدما الثاني ورجحاه. وانظر مشكل مكي ١/ ٤١٤.
(٢) انظر إعرابه للآية (٣٩) من هذه السورة أيضًا.
(٣) في الآية (٤٤) المتقدمة.
(٤) في الآية (٤٤) أيضًا.
(٥) قراءة شادة نسبت إلى أبي عبد الرَّحمن السلمي. انطر إعراب النحاس ٢/ ١٠٩. والمحتسب ١/ ٣٢٧. ومختصر الشواذ / ٦١/. والكشاف ٢/ ٢٣٣. وزاد ابن عطية ٩/ ٢١٨ في نسبتها إلى أبي حيوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>