للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملمومين، بمعنى مجموعين، كأنه قيل: وإنَّ كلَا جميعًا، كقوله: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} (١).

ولا يجوز انتصابه على الحال من ضمير المفعول في {لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} كما زعم بعضهم؛ لأنَّ لام القسم تمنع ذلك، وهذا أيضًا قولٌ حسن من جهة المعنى ومن جهة العربية، لأنَّ إجراء الوصل مجرى الوقف سائغ في كلام القوم نظمهم ونثرهم (٢)، وبذلك قرأ جماعة من القراء في الكتاب العزيز، وشهرته تغني عن ذكره.

وقال أبو إسحاق: وقال بعضهم قولًا لا يجوز غيره - والله أعلم -: إن (لمّا) هنا بمعنى إلَّا، كما تقول: سالتك لما فعلت، وإلّا فعلت، ومثله: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} (٣) معناه إلّا (٤).

وليس الأمر كما زعم؛ لأن لَمَّا بمعنى إلّا لا تكون إلّا بعد الطلب، أو النفي نحو: نشدتك الله لما فعلت، {إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ} (٥)، وليس هنا في الآية معنى نفي ولا طلب.

فإن قلت: بلى دخلها معنى ما كلهم إلّا ليوفينهم، فالنفي مراد في المعنى وإن لَمْ يكن في اللفظ، كما كان مرادًا في قولهم: شَرٌّ أهرَّ ذَا نَابٍ، والمعنى ما أهره إلّا شر.

قلت: ذلك لا يتأتى لك إلّا مع رفع كلّ، كقوله: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا


= تابعي روى عن عدد من الصحابة، وروى عنه كثير من الأئمة، وقد وردت الرواية عنه في حروف القرآن. توفي سنة أربع وعشرين ومائة. وسليمان بن أرقم هو أبو معاذ البصري مولى الأنصار، وقيل مولى قريش، روى قراءة الحسن البصري، وقد أجمعوا على ضعفه.
(١) سورة الحجر، الآية: ٣٠.
(٢) لَمْ يجوزه أبو علي في الحجة ٤/ ٣٨٨ إلَّا في الشعر.
(٣) سورة الطارق، الآية: ٤.
(٤) معاني الزجاج ٣/ ٨١.
(٥) سورة الملك، الآية: ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>