للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَأْتُوا بِسُورَةٍ}: جواب الشرط، والأصل في {فَأْتُوا}: فَأْتِيُوا، الهمزة فاء الفعل، والتاء عينه، والياء لامه، فاستثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى التاء بعد أن أزيلت حركة التاء، أو حذفت ولم تُنقل فسكنت، وواو الجمع بعدها ساكنة، فحذفت الياء لالتقاء الساكنين، وضمت التاء لتصح الواو.

الزمخشري (١): والسورة: الطائفة من القرآن، أقلها ثلاث آياتٍ، وواوها إن كانت أصلًا: فإما أن تسمى بسُورة المدينة وهي حائطها، لأنها طائفة من القرآن محدودة مَحُوزَة على حيالها، كالبلد المسوَّر، أو لأنها محتوية على فنون من العلم، وأجناس من الفوائد، كاحتواء سُورَةِ المدينة على ما فيها. وإما أن تسمى بالسورة التي هي الرتبة لأحد معنيين، لأن السُّوَرَ بمنزلة المنازل والمراتب، يترقى فيها القارئ، وهي أيضًا في أنفسها مترتبة طوال وأوساط وقصار، أو لرفعة شأنها، وجلالة محلها في الدين.

وإن جُعلتْ واوها منقلبة عن همزة: فلأنها قطعة وطائفة من القرآن، كالسُّؤْرَةِ التي هي البقية من الشيء والفضلة منه (٢). يقال أسأرتُ منه سُؤْرًا، أي: أبقيت وأفضلت منه فضلًا (٣).

والسورة، والمنزلة، والمرتبة، نظائر.

وقوله: {مِنْ مِثْلِهِ}: في موضع جر صفة لسورة متعلقة بمحذوف، أي: بسورة كائنة من مثله، والضمير للمُنْزَل، أي: فأتوا بسورة مما هو على


(١) هو محمد بن عمر الزمخشري الخوارزمي أبو القاسم ويلقب بجار الله لمجاورته بالحرم، كان واسع العلم، كثير الفضل، غاية في الذكاء وجودة القريحة، متفننًا في كل علم، معتزليًّا قويًّا في مذهبه مجاهرًا به، حنفيًا، صنف الكثير مثل: الكشاف في التفسير، والفائق في الغريب، والمفصل في النحو، والمستقصى في الأمثال، مات يوم عرفة سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. (بغية الوعاة).
(٢) إلى هنا ينتهي كلام الزمخشري في الكشاف ١/ ٤٨.
(٣) انظر زاد المسير ١/ ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>