للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٢٢)}:

قوله عز وجل: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} اختلف في الأشد، فقيل: هو واحد أتى على بناء الجمع كآنُكٍ، وهو الأُسْرُبُّ، ولا نظير لهما (١). وقال صاحب الكتاب - رحمه الله -: هو جمعٌ واحده شِدَّة (٢). قال الجوهري: وهو حسن في المعنى، لأنه يقال: بلغ الغلام شدته: ولكن لا تجمع فِعْلَة على أفعل، وأما أنعم فإنما هو جمع نُعْم، من قولهم: يَومُ بؤسٍ ويومُ نُعْمٍ (٣).

وقال غيره: هو جمع لا واحد له في الاستعمال (٤)، وأما في القياس فواحده شَدٌّ كفَلْس وأَفْلُس، أو شِدّ كذِئب وأذؤب، أو شَدٍ كقولهم: فلان ردي، والقوم أردى (٥)، وهو كمال القوة، أعني الأشد.

وقوله: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} محل الكاف النصب، أي: نجزيهم مثل ذلك الجزاء.

{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢٣)}:

قوله عز وجل: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا} قيل: المراودة مفاعلة من راد يرود إذا جاء وذهب، كأن المعنى: خادَعَتْهُ عن نفسه، أي: فعلت ما يفعل المخادع لصاحبه عن الشيء الذي يريد أن يخرجه من يده، يحتال أن يغلبه عليه، ويأخذه منه، وهي عبارة عن التمحل لمواقعته إياها (٦).


(١) قاله الجوهري (شدد). والأُسرب: الرصاص.
(٢) انظر الكتاب ٣/ ٥٨٢. وحكاه عنه النحاس في المعاني ٣/ ٤٠٩، والإعراب ٢/ ١٣٢.
(٣) الصحاح الموضع السابق.
(٤) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن ١/ ٣٠٥.
(٥) لم أستطع ضبط هذا الوجه الأخير، ولم أجد من ذكره.
(٦) القول في المراودة كاملًا للزمخشري ٢/ ٢٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>