قوله عز وجل:{أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ} أي: تخاليط أحلام وأباطيلهما، وما يكون منها من حديث نفس، أو وسوسة شيطان، ونحوهما مما لا تأويل لها، شبهت بأضغاث الحشيش، وهو ما جمع من أخلاط النبات وحُزِمَ، الواحد: ضِغْثٌ، وهو ملء الكف منه، وضَغَثَ الحديثَ: خلطه. والإضافة بمعنى (مِن)، أي: أضغاث من أحلام، وهي خبر مبتدأ محذوف، أي: هي أضغاث أحلام.
وواحد الأحلام: حُلْمٌ، وهو ما يراه النائم، تقول منه: حَلَمَ يَحْلُمُ، بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر حُلْمًا وَحُلُمًا.
وقوله:{وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ}(بعالمين) خبر (ما) و {بِتَأْوِيلِ} من صلته، وفي الكلام حذف مضاف، أي: بتأويل أضغاث الأحلام، لأنهم لم يَدّعوا الجهل بعبارة الرؤيا، أي: وما نحن بتأويل مثل هذه بعالِمين.
قوله عز وجل:{وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا}(منهما) في موضع نصب على الحال من المستكن في {نَجَا} وليس متعلقًا به كما زعم بعضهم، للعلة المذكورة عند قوله:{وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا}(١).
وقوله:{وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} الجمهور على الدال في قوله: {وَادَّكَرَ}، وهو الكثير الشائع، وأصله: اذْتَكَرَ، فأبدلت التاء دالًا، لا للإدغام بل
(١) الآية (٤٢) المتقدمة. والعلة المذكورة فيها هناك هي: فساد المعنى.