للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (٤٤)}:

قوله عز وجل: {أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ} أي: تخاليط أحلام وأباطيلهما، وما يكون منها من حديث نفس، أو وسوسة شيطان، ونحوهما مما لا تأويل لها، شبهت بأضغاث الحشيش، وهو ما جمع من أخلاط النبات وحُزِمَ، الواحد: ضِغْثٌ، وهو ملء الكف منه، وضَغَثَ الحديثَ: خلطه. والإضافة بمعنى (مِن)، أي: أضغاث من أحلام، وهي خبر مبتدأ محذوف، أي: هي أضغاث أحلام.

وواحد الأحلام: حُلْمٌ، وهو ما يراه النائم، تقول منه: حَلَمَ يَحْلُمُ، بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر حُلْمًا وَحُلُمًا.

وقوله: {وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ} (بعالمين) خبر (ما) و {بِتَأْوِيلِ} من صلته، وفي الكلام حذف مضاف، أي: بتأويل أضغاث الأحلام، لأنهم لم يَدّعوا الجهل بعبارة الرؤيا، أي: وما نحن بتأويل مثل هذه بعالِمين.

{وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (٤٥) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (٤٦)}:

قوله عز وجل: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا} (منهما) في موضع نصب على الحال من المستكن في {نَجَا} وليس متعلقًا به كما زعم بعضهم، للعلة المذكورة عند قوله: {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا} (١).

وقوله: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} الجمهور على الدال في قوله: {وَادَّكَرَ}، وهو الكثير الشائع، وأصله: اذْتَكَرَ، فأبدلت التاء دالًا، لا للإدغام بل


(١) الآية (٤٢) المتقدمة. والعلة المذكورة فيها هناك هي: فساد المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>