للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} اللام في قوله: {لِلرُّؤْيَا} مؤكدة لعمل الفعل ناصرة له على العمل (١)، لأن العامل إذا تقدم عليه معموله لم يكن في قوته على العمل فيه مثله إذا تأخر عنه، ألا ترى أنهم قد يبطلون عمله فيقولون: زيد ضربت، على تقدير: ضربته، وكفاك في ليلًا قراءة ابن عامر: (وكُلٌّ وعد اللهُ الحسنى) (٢) فإذا دخلت اللام، فقالوا: لزيد ضربت، صَرَفَتِ الابتداءَ عن الإسم، وخَصَّتْهُ بالفعل الذي يعمل فيه النصب في حال التأخير البتة، نحو: ضربت زيدًا، فاعرفه، فإنه من كلام المحققين من أصحابنا، وقد حكى أبو الحسن عنهم: لزيد ضربت. وكفاك دليلًا: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}.

وقد جَوّز أن يكون {لِلرُّؤْيَا} خبر (كان) كقولك: كان فلان لهذا الأمر، إذا كان مستقلًا به متمكنًا منه (٣)، و {تَعْبُرُونَ} إما خبر آخر، أو حال، وقد تكون الفائدة منوطة بالحال كما تكون منوطة بالصفة، وأن يُضمَّنَ (تعبرون) معنى فعل يتعدى باللام، كأنه قيل: إن كنتم تنتدبون لعبارة الرؤيا، يقال: ندبه لأمرٍ فانتدب له، أي: دعاه له فأجاب، والوجه هو الأول وعليه أعتمدُ، وهو أن تكون عاضدة للفعل لكونه ضعف قليلًا، لأجل تقدم معموله عليه، كما تعضد اسم الفاعل إذا قلت: هو عابر للرؤيا، لانحطاطه عن الفعل في القوة، فاعرفه فإنه أصل يعتمد عليه.

وعَبَرْتُ الرؤيا أَعْبُرُها عبارة، إذا فَسَّرْتَهَا، وعَبَّرْتُهَا أيضًا مثله، تعبيرًا، والشائع هو الأول، أعني التخفيف.


(١) يعني أن اللام زائدة، والرؤيا مفعول مقدم لـ (تعبرون).
(٢) آية (١٠) من سورة الحديد. وانفرد ابن عامر بقراءتها هكذا برفع (وكل)، وسأخرجها في موضعها إن شاء الله. وابن عامر هو عبد الله بن عامر إمام أهل الشام في القراءة، وأحد القراء السبعة، أخذ القراءة عرضًا عن أبي الدرداء - رضي الله عنه -، وقيل عرض على عثمان - رضي الله عنه -، توفي سنة ثماني عشرة ومائة.
(٣) في (ب): ممكنًا، فقط. وفي (ط): ممكنًا منه. وسقطت الجملة من (أ)، والتصحيح من الكشاف، والبحر، والدر المصون.

<<  <  ج: ص:  >  >>