للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله عز وجل: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ} (ذلك) في موضع نصب بفعل مضمر (١)، أي: فعل الله ذلك، والإشارة إلى تثبيته، وهو رَدُّهُ الرسولَ وامتناعه من الخروج معه أول مرة، أي: فعل الله ذلك التثبت، أو فعلتُه ليعلم العزيز أني لم أخنه في حليلته وهو غائب، أو ليعلم الملك الأكبر أني لم أخن العزيز في حال غيبته، وهو من كلام يوسف عليه السلام. وقيل: هو من تمام قول امرأة العزيز عطفًا على قولها: {أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ} وأنه صادق في دعواه، أي: ذلك الذي قلت ليعلم يوسف أني لم أخنه ولم أكذب عليه في حال الغيبة، وجئت بالصحيح والصدق فيما سئلت عنه (٢).

وقوله: {بِالْغَيْبِ} يحتمل أن يكون من صلة {لَمْ أَخُنْهُ}، وأن يكون حالًا من الفاعل والمفعول جميعًا، على معنى: وكلانا غائب عن عين صاحبه، كقولك: ضربت زيدًا في الدار، فقولك: في الدار يحتمل أن يكون من صلة ضربت، وأن يكون حالًا من الفاعل والمفعول.

قال أبو إسحاق: {ذَلِكَ} مرفوع بالابتداء، وإن شئت على خبر الابتداء، كأنه قال: أمري ذلك، انتهى كلامه (٣). والوجه ما ذكرت، لأنه لا بد له من مقدر يقدره لأجل اللام في {لِيَعْلَمَ} وفي ذلك تعسف.

وقيل: {ذَلِكَ لِيَعْلَم} بقوله: {فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ} على التقديم والتأخير (٤).


= يصف نهوض البعير وقد تثاقل بحمله يريد المضي في السير. وثفنات البعير هي ما يقع من أعضائه إذا استناخ كالركبتين وغيرهما.
(١) سوف يذكر غير هذا الوجه وهو ما اقتصر عليه أكثر المعربين.
(٢) اقتصر الفراء، والزجاج، والزمخشري وخرجه الطبري عن ابن إسحاق، ومجاهد، وقتادة، وأبي صالح على أنه من كلام يوسف عليه السلام. وانظر القول الثاني في النكت والعيون ٣/ ٤٧. والمحرر الوجيز ٩/ ٣٢١ وقدماه على الأول.
(٣) معاني الزجاج ٣/ ١١٥.
(٤) هذا قول ابن جريج كما في الكشاف ٢/ ٢٦٢. ورواه أبو صالح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - كما في زاد المسير ٤/ ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>