للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تكون موصولة، أي: فلا تحزن بما كانوا يعملونه بنا فيما مضى، فإن الله قد أحسن إلينا وجمعنا على خير. وأن تكون مصدرية، أي: بعملهم بنا. والابتئاس، والاكتئاب، والاغتمام نظائر في اللغة.

{فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (٧٠)}:

قوله عز وجل: {جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} قيل: السقاية كانت مَشْرَبَةً يَشْرَبُ منها الملِكُ جعلها يوسف مكيالًا، لعزة الطعام، ولئلا يقع في الكيل بخس (١). والصِّواعُ: هو هذه المشربة التي جعلها يوسف صاعًا، والكلام يأتي عليه آنفًا إن شاء الله تعالى (٢).

وقوله: {أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ} أي: نادى مناد، يقال: آذنه، إذا أعلمه، وأذن: أكثر الإعلام منه، ومنه المؤذن لكثرة ذلك منه.

وقوله: {أَيَّتُهَا الْعِيرُ} العير: بالكسر الإبل التي تحمل الميرة لأنها تَعير، أي: تذهب وتجيء، من قولهم: عار الفرس، إذا انفلت وذهب هاهنا وههنا من مرجه، وأعاره صاحبه فهو مُعار. وقيل: هي قافلة الحمير، ثم كثر حتى قيل لكل قافلةٍ: عِير، كأنها جَمْعُ عَيْرٍ، وأصلها فُعْل كسَقفٍ وسُقفٍ فُعِلَ به ما فُعِلَ ببيض وعير، والمراد أهل العير، كقوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}، وأنث {أَيَّتُهَا} لأنه جعلها للعير. وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - (٣) أنه قرأ: (وَجَعَلَ السّقَايَةَ) بالواو (٤) على حذف جواب لما، كأنه قيل: فلما جهزهم بجهازهم وجعل السقاية في رحل أخيه أثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم


(١) في (أ): لئلا يقع البخس في المكيال.
(٢) انظر هذه المعاني في جامع البيان ١٣/ ١٦. والمحرر الوجيز ٩/ ٣٤٠ - ٣٤١. وقال الراغب تسميته السقاية تنبيهًا أنه يسقى به، وتسميته صواعًا أنه يكال به.
(٣) في (ب): ابن عباس. والمصادر على ما أثبته.
(٤) انظر قراءته - رضي الله عنه - في معاني الفراء ٢/ ٥٠. والكشاف ٢/ ٢٦٧. والمحرر الوجيز ٩/ ٣٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>