للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنجي: على معنيين:

أحدهما: أن يكون بمعنى المناجي كالعشير والسمير، بمعنى المعاشر والمسامر، ومنه قوله: {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} (١) أي: مناجيًا.

والثاني: أن يكون بمعنى المصدر الذي هو التناجي، كما قيل: النجوى بمعناه، ومنه قيل: قوم نَجِيّ، كما قيل: {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} (٢) تنزيلًا للمصدر منزلة الأوصاف، ولكونه مصدرًا وقع على الجمع، كما وقع (عدل) عليه في قولهم: قوم عدل، أي: عادلون. {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} أي: متناجون.

وقوله: (من قبل) أي: ومن قبل هذا.

{مَا فَرَّطْتُمْ}: في (ما) ثلاثة أوجه:

أحدهما: صلة، {وَمِنْ قَبْلُ} من صلة {فَرَّطْتُمْ}، وكذا {فِي يُوسُفَ}. والتفريط: التقصير، أي: وقصرتم من قبل في شأن يوسف.

والثاني: مصدرية، وفي محلها وجهان - أحدهما: الرفع بالابتداء وخبره الظرف وهو (من قبل)، أي وتفريطكم في شأن يوسف ثابت أو مستقر من قبل، وليس بالمتين لأن (قبل) إذا وقعت خبرًا لمبتدأ، أو صلةً لموصول، أو حالًا لذي حال لا تقطع عن الإضافة لئلا تبقى ناقصة. والثاني: النصب إما عطفًا على مفعول {أَلَمْ تَعْلَمُوا} وهو {أَنَّ أَبَاكُمْ}، كأنه قيل: ألم تعلموا أخذ أبيكم عليكم موثقًا وتعلموا تفريطكم في حفظ يوسف؛ أو على اسم (أنَّ)، وفيه أيضًا ما فيه لأجل الفصل بين العاطف والمعطوف.

والثالث: موصولة على معنى: ومن قبل هذا ما فرطتموه، أي: قدمتموه في حق يوسف من الجناية العظيمة. ومحلها الرفع أو النصب على


= ٣/ ١٢٤. وجمهرة اللغة ١/ ٢٣٥. والصحاح (نجا). ونسبه في اللسان (نجا) إلى سحيم بن وثيل اليربوعي، وانظر شرحه فيه.
(١) سورة مريم، الآية: ٥٢.
(٢) سورة الإسراء، الآية: ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>