للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (٨٥)}:

قوله عز وجل: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} أصله: لا تفتأ، فحذف حرف النفي لحصول العلم به، لأنه لا يلتبس بالإثبات، لأنه لو كان إثباتًا لم يكن بد من اللام والنون في الأمر العام، أو من أحدهما (١)، و {تَذْكُرُ} في موضع نصب بخبر {تَفْتَأُ}، والمعنى: لا تزال تذكر يوسف بالتأسف والتوجع عليه.

وعن مجاهد: لا تفتر من حبه (٢). قيل: كأنه جعل الفتوء والفتور أخوين، يقال: ما فتئ يفعل (٣). قال أوس (٤):

٣٤٤ - فَمَا فَتِئَتْ خَيْلٌ تَثُوبُ وَتَدَّعِي ... وَيَلْحَقُ مِنْهَا لاحِقٌ وَتَقَطَّعُ (٥)

أي: فما زالت.

وقوله: {حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا} الحَرَضُ الذي أذابه الحزن أو العشق، وهو في معنى مُحْرَضٍ، وقد حَرِضَ بالكسر، وأحرضَهُ الحزن أو العشق، أي: أفسده، وأُنشد على ذلك:

٣٤٥ - إِنِّي امْرُؤٌ لَجَّ بِي حُبٌّ فَأَحْرَضَنِي ... حَتَّى بَلِيتُ وَحَتَّى شَفَّنِي السَّقَمُ (٦)


(١) يعني أنه لو كان الفعل مثبتًا لوجب اقترانه باللام ونون التوكيد معًا عند البصريين أو أحدهما عند الكوفيين.
(٢) أخرجه الطبري ١٣/ ٤١. وانظر معاني الزجاج ٣/ ٤٥٣. والنكت والعيون ٣/ ٧٠. والكشاف ٢/ ٢٧٢. ومجاهد هو ابن جبر أبو الحجاج المكي الإمام المقرئ المفسر الحافظ. سمع من بعض الصحابة، وكان أحد أوعية العلم. توفي سنة ثلاث ومائة. (تذكرة الحفاظ).
(٣) قاله الزمخشري ٢/ ٢٧٢.
(٤) هو أوس بن حجر التميمي شاعر جاهلي، كان زهير بن أبي سلمى ربيبه وراويته، قال عنه ابن قتيبة: كان عاقلًا في شعره كثير الوصف لمكارم الأخلاق.
(٥) انظر هذا البيت في مجاز القرآن ١/ ٣١٦. وجامع البيان ١٣/ ٤١. والنكت والعيون ٣/ ٧٠. والكشاف ٢/ ٢٧٢. وزاد المسير ٤/ ٢٧٢.
(٦) للعرجي، وانظره في مجاز القرآن ١/ ٣١٧. وجامع البيان ١٣/ ٤٢. والصحاح (حرض) =

<<  <  ج: ص:  >  >>