للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأَسْرِيةٍ للنهر، فكذلك فاعلٌ، جُمع على أفعلة كذلك وإن كان عزيزًا، أو كأنه جمع ودي في التقدير، كسري وأسرية، والوادي: الموضع الذي يسيل فيه الماء بكثرة.

وقوله: {بِقَدَرِهَا} نعت لأودية. واختلف في معناه، فقيل: بمقدارها الذي عرف الله سبحانه أنه نافع للممطور عليهم غير ضار (١). وقيل: بما قدّر لها من ملئها، أي: بقدر الأودية، فإنْ صَغُرَ الوادي قَلَّ الماء، وإن اتسع كثر (٢).

وقوله: {فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ} أي: فرفع زبدًا رابيًا، أي: خبثًا طافيًا عاليًا فوق الماء، والزبد: وَضَرُ الماء وخبثه الذي يعلوه، والمعنى: أن السيل طفا فوقه زبده.

وقوله: (ومما تُوقِدونَ) (من) هنا تحتمل أن تكون لابتداء الغاية، و (ما) موصول، على معنى: ومِنَ الذي توقدون عليه حتى يذوب، كالذهب والفضة والرصاص والنحاس وغير ذلك من جواهر الأرض، ينشأ زبد مثل زبد الماء الذي يحمله السيل، وأن تكون للتبعيض.

وقرئ: (توقدون) بالتاء النقط من فوقها حملًا على قوله: (قُلْ أَفَتَّخَذْتُم)، وبالياء النقط من تحتها (٣) حملًا على قوله: {أَمْ جَعَلُوا}، وقوله: {وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ} (٤).


(١) هكذا عبر عنه الزمخشري ٢/ ٢٨٥. والمعنى: بما قُدِّر لها. وانظره في معاني الزجاج ٣/ ١٤٥. ومعاني النحاس ٣/ ٤٨٨. والنكت والعيون ٣/ ١٠٦. والمحرر الوجيز ١٠/ ٣٣.
(٢) هذا قول عامة المفسرين كابن عباس - رضي الله عنهما -، ومجاهد، وقتادة وغيرهم. انظر جامع البيان ١٣/ ١٣٦ - ١٣٧ مع بقية المصادر السابقة.
(٣) القراءتان صحيحتان من المتواتر، فقد قرأ عاصم في رواية حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف بالياء، وقرأ الباقون بالتاء. انظر السبعة ٣٥٨ - ٣٥٩. والحجة ٥/ ١٦. والمبسوط / ٢٥٥/.
(٤) قال أبو علي في الموضع السابق: ويقوي ذلك قوله: (وأما ما ينفع الناس) فكما أن (الناس) يعم المؤمن والكافر، كذلك الضمير في (يوقدون).

<<  <  ج: ص:  >  >>