للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ}، أي: أوحى إليهم ربهم وقال لهم: لنهلكن، وقال لهم: استفتحوا، أي: استنصروا الله عليهم واستحكموه بينكم وبينهم: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} (١) ومنه الحديث: "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يستفتح بصعاليك المهاجرين" (٢) أي يستنصر بهم.

وقيل: استفتح القوم على الرسل ظنًا منهم أنهم على الحق (٣).

وقيل: استفتح الجميع: الرسل والمرسل إليهم (٤).

{وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} أي: بطل أمل كل عات متكبر عن طاعة ربه، مائل عن الحق، عادل عنه. ويجوز في الكلام رفع {عَنِيدٍ} على النعت لـ {كُلُّ}.

{مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (١٦)}:

قوله عز وجل: {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ} في موضع رفع على النعت لـ {كُلُّ} أو جر على النعت لـ {جَبَّارٍ}.

وقوله: {وَيُسْقَى} عطف على محذوف، كأنه قيل: من ورائه جهنم يلقى فيها ويسقى من ماء صديد.

وقوله: {مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} فيه وجهان:

أحدهما: صفة الماء محذوفة، أي: من ماء مثل صديد، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، والصديد، ماء الجُرْحِ، وهو ماء رقيق


(١) سورة الأنفال، الآية: ١٩
(٢) أخرجه أبو عبيد في غريبة ١/ ٢٤٨ وفيه أنه كان يستفتح القتال بهم، كأنه يتيمن بهم، والصعاليك: الفقراء. وانظر الحديث في معاني النحاس ٣/ ٥٢١. والفائق ٣/ ٨٦. وغريب الحديث لابن الجوزي ٢/ ١٧٤. والنهاية ٣/ ٤٠٧.
(٣) كون المستفتح هو الأمم: أخرجه الطبري ١٣/ ١٩٤ عن ابن زيد. وانظر النكت والعيون ٣/ ١٢٧. واستفتاحهم هو سؤالهم العذاب، كقولهم: {رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا} [ص: ١٦].
(٤) حكاه أبو حيان ٥/ ٤١٢ قال: لأنهم كانوا كلهم سألوا أن ينصر المحق ويهلك المبطل.

<<  <  ج: ص:  >  >>